الرفق زينة

Loading

قيل قديماً: عند الامتحان.. يكرم المرء أو يهان. وكنت أظن أن التكريم أو الاهانة مرتبطان بالنتائج، من حيث النجاح والارتقاء أو الرسوب والبقاء.. إلا ان ما لاحظته مؤخرا هو جنوح بعض المعلمين والمعلمات بل حتى بعض الآباء والأمهات إلى الإهانة والتحقير من شأن الطفل الصغير الذي لا يستوعب الكم الكبير المكدس بين دفتي كتب، بالغ واضعوها في رص المعلومات حتى شكا منها المعلم وولي الأمر لعدم قدرتهما على مواكبة هذا الكم وتدريب الطلاب عليها.
ففي موقف عجيب..هالني ما سمعته من جارتي العربية التي تدرس طفلتها للامتحان فتصرخ صراخا اخترق الجدران، وتوبخها بقولها: يابقرة يابقرة.. ثم تنشد الجاموسة أهيه الجاموسة أهيه!
فأي تعليم هذا.. وأي تربية!!
الأم بالذات يجب أن تكون حذرة في مخاطبة أطفالها وعدم الانزلاق إلى غياهب السخط والغضب فتسقط أمامهم حين تتلفظ بمثل هذه الالفاظ الجارحة..المهينة، التي تنغرس في نفوسهم غرس السكاكين فتدمي قلوبهم وتترك ندوبها في عقولهم ليتبرمجوا على أفكار خاطئة واعتقادات مشوشة عن نفوسهم.. وقدراتهم.. ومهاراتهم..
وقس على ذلك المعلم.. الذي كاد أن يكون رسولا فوجب عليه أن يتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وهاديا
فلا يقول إلا حسنا..
إلا انه ضل الطريق فلم يصل للقدوة ولم يعد معلما منشئا.
حقيقة.. أنا لا احترم معلما او اما او أبا او كائنا من كان يهين طفلا لا يستطيع الدفاع عن نفسه فيصمه بوصمة أبدية ليست فيه وينتقص من شأنه تحت أي عذر من الاعذار.
فهؤلاء قد جهلوا قيمة التعليم تماما وظنوا أنه مجرد حشو الرأس الصغير بالمعلومات ليستفرغها على ورقة الامتحان في أسلوب مقيت من أساليب التعليم القديمة هو الحفظ والتلقين رغم أننا- كما يشاع- قطعنا شوطا كبيرا في التعليم حتى احرزنا مراكز متقدمة على مستوى العالم.
بينما الواقع يخبرنا بأن بعض المعلمين والمعلمات لازالوا يدورون في فلك آبائهم الأولين.. حيث كان التبكيت والفلقة رمزين للتعليم.
أيها الأحبة
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وكونوا واقعيين، فلا تطلبوا من أولادكم أن يتفوقوا وأنتم تصرخون في وجوههم وتنعتونهم بالغباء وتشبهونهم بالحيوانات.
اتقوا الله فيهم.. فهم أمانة بين أيديكم وأنتم ستسألون ذات يوم عما تفعلون..
وتذكروا: أن التربية والتعليم عملية أشمل وأوسع من المعلومات وأن التوبيخ أسوأ ما يستعان به عليهم..
لأنه يشوه نفوس المتعلمين وينتج شخصيات محطمة لا تحترم الاخر ولا تثق فيه وتتوقع منه الاسوأ دائما
شخصيات خائفة.. غير واثقة.. غير مبادرة.
وهذه المخرجات ليست ما نبحث عنها
والدولة لا تضع الخطط الكبرى وتدفع الميزانيات الضخمة حتى يكون هذا ما تحصل عليه.
فهل اخضعتم انفسكم للتطوير والتدريب على اساليب التربية النبوية…وأولها الرفق.. رجاء….
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
«إنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلَّا زانه،
ولا يُنزعُ من شيءٍ إلَّا شانه» (رواه مسلم)

الخلاصة:
الرفق من أحلى ثمار الخلق الحسن،
ومن حسن خلقه ضبط قوة غضبه، وعدم الانسياق لشهوته،
لذلك أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على الرفق وبالغ فيه» وقال:
«من أُعْطِيَ حَظَّهُ من الرِّفْقِ فقد أُعْطِيَ حَظَّهُ من الخيرِ، ومن حُرِمَ حَظَّهُ من الرِّفْقِ فقد حُرِمَ حَظَّهُ من الخيرِ»
(رواه الترمذي).