حين تحكمنا المشاعر

Loading

يرى رجل الدولة الألماني بسمارك أن معاصره السلطان عبدالحميد الثاني يملك 95% من الذكاء وهو أمر تجلى في الكثير من إنجازاته التي نقشت اسمه في ذاكرة التاريخ ومنها مشروع سكة الحديد التي وصلت الحجاز حينها، الا ان المتأمل في حياته يجد هفوات قاتلة كادت تودي بحياته أكثر من مرة بسبب تحكم المشاعر في بعض قراراته خاصة في ائتمانه زوج أخته ومنحه صلاحيات واسعة وإسناده اليه مشروعات حساسة ليترجم حرفيا القول السائر: يؤتى الحذر من مأمنه! وللأسف هذا ما يحدث حين تحكمنا المشاعر فتوجّه أفعالنا وتصيغ قراراتنا.
وأجد أن ما يحدث على أرض السعودية منذ عام ونصف هو
نتاج طبيعي لترك المجال للمشاعر لتطغى فتحكم في غياب العقل حتى أصبحت كعربة تسير بسرعة في طريق وعر يقودها غر أهوج تنقصه الخبرة والحنكة والممارسة.
ان محبة والد مسن لابنه الأصغر أدت إلى تجاهل أصحاب الحق وتجاوز الأعراف التي تحكم البلاد منذ قرن بمنح الابن المدلل قيادة دولة كبرى لها ثقلها ووزنها.
ونتيجة لدلال الابن وقلة خبرته وضعف مستشاريه تعرضت عربة السعودية إلى مطب ضعضعها ويكاد الطريق أن يأخذها الى الهاوية اذا لم يتدخل (العقلاء) لينتزعوا الرسن من أيدي الأهوج الذي سمح لمشاعره بالتحكم في قراراته وتصرفاته التي لا تنم عن تبصر وتدبر يتسم بهما القادة ورجالات الدولة كبسمارك وعبدالحميد الثاني.
فاغتيال جمال خاشقجي مثال على غياب العقل وتغليب العاطفة لتكون اغبى جريمة على الاطلاق وضعت بلدا مسلما في مأزق ضخم. اسأل الله ألا يأخذها عاجلا الى الهاوية.
فالعقل لا يسمح بالتخلص من المعارضين خاصة أمثال جمال خاشقجي وهو المعارض المسالم الذي رفض حتى أن يسمى معارضا.
كما أنه لا يسمح أبدا بجريمة الكراهية التي أودت بحياته ليتحول إلى ايقونة عالمية بين ليلة وضحاها. وهي مكانة استحقها واكتسبها بقلمه قبل دمه، يبنما وصم جلادوه بالغباء حينا والصلافة والغرور والوحشية أحايين أخرى.
جريمة تفوح منها مشاعر عمياء كالكراهية والولاء المضلل والانتقام والتشفي ستبقى دليلا على أن من قام بها تخطيطا وتدبيرا أعمى البصيرة، يظن واهما أنه الحاكم المطلق الذي تمنعه حصانته وحصونه، دون أن يستخدم عقله للحظة ويعمل تفكيره لثانية فيرى الكارثة التي يراها الإنسان البسيط قبل المحلل الكبير.
لكن فيما يبدو لنا أن ذاك الأهوج لا يتمتع بذرة ذكاء من نسبة 1% التي وزعها بسمارك على بقية حكام العالم محتفظا لنفسه ب4% من الذكاء الذي تركه السلطان العثماني عبدالحميد الثاني للجميع .
لأن من يحسن استخدام عقله (الذكي) لا يوكل قيادة لمجرم أشر يوجهه كيفما يشاء.
ولا يجرد نفسه من المخلصين ويتخذ المضلين عضدا. ويختار من السفهاء بطانة له ومستشارين!!
وفي رأيي أن مستوى المستشارين دليل فج على غياب العقل وفقر الذكاء..
فهل يعود الوالد المسن إلى رشده ويغلّب عقله على مشاعره ويستخدم ذكاءه في اعادة العربة إلى طريقها الصحيح بعزل ابنه المدلل عن قيادتها واسناد أمرها للقادة المتمرسين حفاظا عليها من الهاوية التي تتسع بمرور الأيام؟.
ذاك ما يتمناه كل مسلم متعلق قلبه بالحرمين وماعداهما شأن داخلي يقرره الشعب بعيدا عن الولاء المضلل والإعلام المطبل .
اللهم احفظ الحرمين وهيئ لهما حارسا أمينا ذكيا يقود ولا يقاد!.

الخلاصة:
لا مكان للأوتوقراطي في هذا الزمان فموضة أنا ربكم الأعلى انتهت بنهاية فرعون.
وكل طاغية واهم سينتهي طال الزمن أم قصر فلا تحسبن الله غافلا عما يفعله الظالمون.