إلى أين؟

Loading

في أقل من شهر عشنا مناسبتين سعيدتين.. اعتبر الأطفال أبطالهما الحقيقيين (القرقيعان والعايدوة)..
مناسبتان تفيض الذاكرة بمشاهدهما النقية البريئة العفوية
وأهازيجهما التراثية التي تحث على العطاء  المقرون بالدعاء للمعطي وأهله..
كانتا أهم مناسبتين في تقويمنا قبل كل الاختراعات الحديثة التي أمطرت سمواتنا وأثرت في حياتنا!!
نعد لهما العدة بما تيسر من مؤنة في البيت وفي أضيق حدود الشراء ومع ذلك كنا في غاية الفرح والاستمتاع والرضا..
كان(نص الريال) في القرنقعوه كنزا ومن تجاوزت عديته(5 ريالات) شيخ!!!
كنا فرقا صغيرة تجوب الشوارع آمنة مطمئنة في ليلة 15 من رمضان أو صباح العيد لانخف سائقا أهوجا ولانهاب المسافات وذئاب الطريق..
نتجول دون حراسة أو جليسات أطفال..
ولا نذكر حادثا واحدا شوّه تلك المشاعر العميقة بالهناء..
صور رائعة استدعتها ذاكرتي بحزن العيد ومن قبله القرقيعان..
نعم حزينة أنا على ما وصل إليه حال الأطفال في هاتين المناسبتين من ترف وإسراف مبالغ فيه!!
وأعتقد أن البالغين هم سبب ذلك حينما دخلوا على الخط فحولوا البساطة إلى تعقيد.. والبراءة إلى مباهاة.. ولم يعد لتلك المناسبتين من ماضيهما الجميل إلا الاسم وروائع مجدد التراث عبدالعزيز ناصر رحمه الله تصدح عبر التلفاز لتذكرنا بزمن جميل دفنته الهبّات والاستهلاكية المقيتة..
الآن لم يعد للعيد معنى عند أطفال سوى وسيلة لجمع المال والاشتراط أن تكون العيدية الممنوحة هي :الزرقاء!!!
طفل لايكاد يبين ويطلب من الناس 500 ريال كعيدية في زمن الثراء والشبع!!!
أما القرقيعان فقد تحوّل إلى سباق في المظاهر والمغالاة والتباهي بين الناس حتى أصاب الغلاء كل مفرداتها..
فإلى أين يذهب بنا المتباهون؟
الذين شغلتهم المظاهر عن المعاني الجميلة التي كانت تمثلهما المناسبتان الرائعتان؟؟!!

الخلاصة :

قَالَ ابن أبي سلمة: قُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: مَا تَرَى فِيمَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنَ الْمَلْبَسِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَرْكَبِ وَالْمَطْعَمِ؟
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي كُلْ لِلَّهِ، وَاشْرَبْ لِلَّهِ، وَالْبَسْ لِلَّهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَخَلَهُ زَهْوٌ أَوْ مُبَاهَاةٌ أَوْ رِيَاءٌ أَوْ سُمْعَةٌ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ وَسَرَفٌ.