منتصف العمر

Loading

يأتي مايو كل عام حاملا معه ذكرى ميلادي المتجددة ليثير في نفسي الكثير من المشاعر والأفكار والأماني والخواطر.
ومن أهم تلك الأفكار تصوري لرحلة العمر وكأن الإنسان يرتقي جبلا ليبلغ قمته في منتصف العمر فينظر خلفه فيرى رحلة ثرية من التجارب والمواقف الحياتية التي تحدته وأخرجت ما في نفسه من خير أو شر بحسب تربيته ومحيطه الذي تدرج فيه حتى أصبح مسؤولا عن نفسه وما يبدر منه من تصرفات.
وهذا ما أسميه بالنضج الذي تصل لقمته مع وصولك لمنتصف العمر حينها لا يمكن أن تلقي باللائمة على شيء أو أحد لأنك عبر سنوات الخبرة والتواصل تمكنت من أدوات تجود حياتك وتجعلك إنسانا أفضل وانظر إلى عمر الرسل حين يبعثون.
ولن تكون ذلك الإنسان الأفضل إن لم تكن راضيا قانعا مطمئنا للقدر وتصاريفه ما بين سعادة وشقاء .. صحة ومرض .. اكتفاء وحاجة .. فالرضا هو أكسير الحياة الطيبة ومن رضي فله الرضا كما وعد الله سبحانه وتعالى.
علينا التسليم التام لما يعترضنا من ابتلاءات كما نسعد تماما بالمسرات ذلك هو الاعتدال النفسي الذي يتسم به المؤمن الحقيقي.
ولا أخفيكم سرا أو آتيكم بجديد حينما أخبركم بأن السخط لن يجلب إلا سخطا وشقاء يمتد طوال العمر الذي سيذهب هباء منثورا دونما استمتاع.
والرضا يتأتى بالموازنة بين النعم والنقم فشكر النعم والاستمتاع بها والصبر على النقم والاستسلام لخالقها يورث الحياة الطيبة والمعيشة الهانئة.
ومن يعرض عن ذلك فمعيشته ضنك وليل عمره طويل وشديد السواد.
أراني فوق قمة العمر راضية وأتأمل ما ذهب فأحمد الله عليه وأرجو ما هو آت وأسأل الله خيره وخير ما بعده، مما يورثني راحة واستقرارا يشعرني بأن المرحلة العمرية التي أعيشها الآن هي مرحلة ذهبية لابد من الاستغراق فيها والاستمتاع بمميزاتها.
رغم تكدس بعض الأمنيات العالقة على بوابة الدعاء وإلحاحي في السؤال من أجلها.
وأملي في الله كبير بأنه سيلبي مطلب الروح وتهنأ به قبل الرحيل، لذلك لن ينقص من شعوري بالرضا شيء.
بل سيزيدني إصرارا على العمل الصالح والتواصل مع خيار الناس ليعينوني على المضي قدما في رحلة العمر.

الخلاصة:
يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
“خير الناس من طال عمره وحسن عمله”.
رواه الترمذي