يظن الإنسان المسكين أنه حر مستقل لكن الحقيقة غير ذلك فالقيود كثيرة وبعضها يدمي معصمه أحيانا و في أسوأ الأحوال يمسي قلبه داميا ..
ولطالما كانت القيود مقصلة الآمال ومشنقة الأحلام وعلى نصبها تذبح الأماني المشروعة فيتحول الحالمون إلى ضحايا فقدوا أسباب الحياة و دوافعها..
يستغرقني التأمل في أحوال الناس فأجد المال واحدا من أصعب القيود التي تخضع الإنسان كثر أو قل..
ففقير المال لايقوى على العيش كما يشتهي ويحرم من أبسط أحلامه وتسلب حقوقه في حياة كريمة..
أما الغني فقيده أشد وثاقا وأكثر إيلاما خاصة إذا فتنه المال وأصبح غاية له بدلا من أن يكون وسيلته..
فيبدأ بكنزه ويحرسه حتى يحرم نفسه نعيم المال ونعمته
ويمتد الحرمان ليطال أهله وجماعته ثم الفقراء والمساكين الذين لهم في ماله حق معلوم..
فكم من غني كثير المال مات عن كنوز لم تنفعه حيا أو ميتا
يضيعها ورثته في أمور استهلاكية مقيتة..
فيكون بذلك قد خسر الدنيا والآخرة.. للأسف
ومن القيود التي تستعبد الإنسان أيضا العمل.. فبعض الناس يستسلم لعمله حتى يعود أسيرا له..
يسلبه جل وقته ويحرمه متعة الحياة بين أسرته ورفاقه فيمضي قطار العمر ليترجل منه متقاعدا أو ميتا محروما من أبسط متع الحياة وأجملها..
ورغم أن العمل شريان الحياة إلا أنها لاتستقيم به وحده والذكي من تحرر من ربقة العمل دون إخلال بواجباته ليعيش منعما بوقته في صحبة هانئة لاضرر ولا ضرار…
فالعمر قيد هو الآخر كلما زاد ثقلت أغلاله وصعب المسير فما يقوى عليه الشباب يعجز عنه الكبار وإن أضنتهم المحاولات..
والصحة تتحول إلى قيد قاتل إذا قل تدفقها وضعف موردها
فيتحول الإنسان إلى كائن عاجز ضعيف الجسد مهزوم الروح ضعفه يستدر الشفقة وعجزه قد يهدر كرامته..
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة..
علينا أن ندير حياتنا بوعي وحكمة ونحافظ على حريتنا التي تأتي على رأس النعم التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات بحسن التصرف وإعادة النظر في سلم أولوياتنا…
الخلاصة
ما ورد أعلاه نعم ظاهرة وباطنة لم يحسن الإنسان إدارتها فحولها إلي نقم من حيث لا يحتسب.. ونقصت حين غفلة
ولو
شكرها وحافظ عليها لزاده الله من فضله ونعمه لقوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم، الآية: 7].