تأليه!!

Loading

وأنا أطالع تغريدات أحد المصابين بلوثة إيمانية واختلال عقدي، التي تمجد ولاة الأمر في بلده،
توالت على ذاكرتي صور نشرتها وكالات الأنباء العالمية، فترة الثورات العربية في مستهل العقد الحالي، فيما عرف بالربيع العربي.
محتوى الصور يعكس فقراً في الدين، وعجزاً في الفهم، واعتلالاً في الرؤية، حيث يحل الحاكم محل الإله -والعياذ بالله-.
فمن ساجد للحاكم إلى محرف للقرآن من أجله، بحثاً عن رضا صعب المنال.. إلى نفخ في ذات الحاكم المأزومة، لتصاب فيما بعد بالجنون الذي سيحرق روما وما حولها!!
إن اجتهاد الرعية في تأليه الحاكم تأتي في إطار فهم مغلوط للعلاقة الواجبة بين الحاكم والمحكوم..
وإمعاناً في تحقير النفس والمضي في ذلها حتى آخر رمق.
فالأصل في الحاكم أن يكون موظفاً عاماً يقوم على تسيير أمور البلاد ورعاية العباد، وإن اختلف الحال في الخليج، حيث يسود الطابع القبلي على حياة أهله، فيكون الحاكم بمثابة شيخ القبيلة، الذي يستحق الاحترام والتقدير والمحبة والولاء، إلا أن العلاقة المزدهرة بين الحاكم ومحكوميه لن تتحقق ما لم يتواضع الحاكم ويخفض لشعبه جناحي العدل والرحمة، وهذه صفات إن توفرت فيه فلن يقبل التأليه، ولا حتى الإطراء المتزلف.. فإذا عدنا لأول حاكم للمسلمين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وقرأنا خطبته الأولى، سنتوقف عند هذه السطور لأنها تقدم صورة واضحة عن فهمه الشديد لدوره في المجتمع، حيث قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه:
«أيها الناس إني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم».
فمن كان خليفة لرسول الله، وله فضل كبير لا ينكر، منذ انطلقت الدعوة المحمدية وحتي موته، يعلم بلا شك أنه الأفضل، لكنه لا يبارز أحداً بهذه الأفضلية، لأنه يدرك أن الحكم تكليف لا تشريف، وأن أهم أدواته هو الشعب، فإن كسبه أدار من خلاله حكماً عادلاً ومستقبلاً زاهراً..
أما حكام أقاموا حكمهم على الباطل، فلا شك أنهم زائلون كما زال حكام دول الربيع العربي..
وحتى من بقي منهم فقد شرعيته، وتحول إلى مجرم حرب سيزول ولو بعد حين.. حتى وإن اعتبره بعض المختلين رباً لهم!!
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.