هذا وصف صادق لما فعلته الأجهزة الذكية ووسائل التواصل العنكبوتية ببيوتنا.. جردتها من الدفء الإنساني وفككت الروابط بيننا.. فبتنا كالجزر المنفصلة وسط محيط راكد، أمواجه لزجة كمستنقع نسيه الزمن، حتى تثير حجارة المآسي الزوابع بين حين وآخر فيتذكر!!
إننا بشر خلقنا لنتآلف ونلتف حول بعضنا البعض، فما أوجع المأساة!!
والوجع الأكبر يتنامى بعد فوات الأوان، بالضبط كما حدث في بيت خليجي صحا على فاجعة انتحار طفل لم يتجاوز 13 عاماً، نتيجة عيشه في جزيرة منفصلة وسط بيته وبين أفراد عائلته في تصرف غريب ممن هم في مثل سنه وتميّزه!!
ولكن حينما نعلم أن سبب انتحاره هو ممارسة لعبة إلكترونية لها تعاليم تفضي للانتحار يبطل العجب.
تعبنا ونحن ندق جرس التحذير مما يحدث.. وننذر أولياء الأمور بسوء عواقب غيابهم عن عالم أولادهم، وتنصل بعضهم من مسؤولياته الوالدية ليعيشوا في جزرهم المنفصلة هم أيضاً، ويتركوا أطفالهم ليقعوا فريسة جرائم من نوع جديد ما كانت لتحدث لو مارس أولياء الأمور دورهم في حماية أطفالهم على النحو الصحيح.
يا جماعة الخير أين أنتم من حديث رسولنا الكريم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا…))؟
ألستم رعاة مسؤولين يوم لا ينفع مال ولا بنون؟ فلم لا تتقون الله في رعيتكم، وتقومون بواجباتكم الأبوية في الحفاظ على مستقبل الأمة وأجيالها الواعدة..؟؟
هل أصبحت الوالدية مجرد دور بيولوجي فقط؟؟
كم أتعجب وأتألم حين تصدمني حوادث يذهب ضحيتها أطفال في عمر الزهور، نتيجة ظن الوالدين أن منحهم جوالاً منتهى الأبوبة دون النظر في تبعات هذا العطاء السام.
فليرحمنا الله مما تحمله الأيام.. ويعنّا على حمل أمانة التربية.