بنو بيروقراط

Loading

خلقني الله حريصة على مواعيدي جدا وأنزعج من نفسي لو تأخرت عنها دقائق معدودات.. تعلمت ذلك من قوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} فأدركت أن لكل شيء وقته حتى تنتظم الحياة وترتاح النفوس، إلا أن خبراتي الحياتية حافلة بأشخاص يرون ذلك تزمتا مني، ويصفون مواعيدي بأنها مواعيد إنجليز على حد تعبيرهم، وأنهم بنوعراب بتشديد الراء، ما يشعرني بالأسف عليهم لأن الوقت ثروة سنسأل عنها مثلها في ذلك مثل المال.
وقد يهون الأمر إذا كان مواعيد شخصية فتكون قد اعتدت على الأصدقاء وأفراد العائلة، إلا أنه لا يهون عندي أبداً إذا كان موعدا مؤسسيا تنتظر من خلاله خدمة عامة أو حقا ملحا كموعد في المستشفى مثلا لا حصرا، وأسوأ ما تصادف مؤسسة بيروقراطية يعشش فيها الروتين وتقيد معاملاتها البيروقراطية وتأسرها المركزية فتجد نفسك تعاني أشد المعاناة من أمر بسيط تستطيع إنهاءه بمكالمة هاتفية أو الواتس آب، إلا أن إصرار البعض على الكتب الرسمية التي تنام في أحضان صندوق البريد الذي تتراكم فيه كتب مؤجلة وأمور غير منجزة ليضيع كتابك، بينما تحلم أنه يمر بالإجراءات التي ستسير أمرك وتنجز عملك.. فيدفعك التأخير للتواصل مع تلك الجهة ليصدمك المسؤول بتعبير غبي مفاده أنهم لم يجدوا كتابك وعليك بإرسال آخر!!
فتبلع الموقف على أمل الإنجاز فيصدمك مرة أخرى أنه لا يستطيع فعل شيء قبل استلام الكتاب مرة أخرى لعرضه على الإدارة ضمن سلسلة روتينية مقيتة لا تستقيم وروح العصر اللاهثة وراء النجاح والابتكار والإنجاز.
إن المواعيد هي عهود وويل لمن لا ينجز عهده ويفي به تكاسلا وإهمالا.. فراتبه حرام وعليه غضب من الله لأن العهد كان مسؤولا فمن يعسر الأمور على الناس لا ييسر الله أموره.
وهنا برأيي يأتي دور الإدارة الجيدة في غرس معايير قوية خدمة الجمهور الناجحة ذات الأثر الإيجابي المحمود في الجميع حتى لا يصدق علينا وصف قوم بني عراب بتشديد الراء فتكون سبة علينا ونحن قوم مسلمون ديننا يرفع شعار احترام المواعيد والمواقيت والعهود والمواثيق، ويتوعد من يقولون ما لا يفعلون بالويل والثبور وعظائم الأمور وحتى ذلك الحين أصلي لله ولسان حالي يقول: «ليت قومي يعلمون».
إضافة
من مساوئ بني بيروقراط أن تحصل على تحويل عاجل من طبيبك فيتعامل معك قسم المواعيد تعاملا يشي بعدم الاهتمام وكأنك تدعي المرض!!، ويمنحك موعدا آجلا بعد شهرين!!
ولهم أقول: «إن كان هناك نص للقانون فله روح أيضا».