في رمضان الماضي استوقفتني عبارة وردت على لسان عجوز بوسني يتحدث فيها عن الجهود المبذولة لتعليم أهل البوسنة الإسلام الصحيح قال فيها: «إننا نريد التعلّم والتفقه في الدين ولكننا شعب فقير يعتمد على جهود تركيا في
ذلك، ولكنها ليست كافية».
ومنذ تلك اللحظة وأنا أفكر في كيفيّة دعم هذا الشعب الذي قدم من أجل دينه ووطنه مئات الآلاف من زهرة الشباب والرجال والنساء…
ولم أجد أفضل من تحويل البوسنة إلى وجهة سياحية لما حباها الله عز وجل من طبيعة تحبس الأنفاس وتخطف الأبصار..
والحمد لله أن الأخبار تتواتر هذا العام عن البوسنة والهرسك كثيراً، حيث شهدت زحفاً كبيراً من السيّاح الخليجيين «الأكثر إنفاقاً في العالم»..
إنه أمر يدخل البهجة للقلوب فخير الوجهات السياحية هي الدول الإسلاميّة، خاصة للعائلات والمحافظين الذين
ما زالوا يمارسون أدوارهم في حماية عوائلهم من رياح التغيير السام التي تهب عليهم من كل حدب وصوب..
ثم إن البوسنة والهرسك مقصد جميل، وإن كان اقتصاده لا يزال يعاني أثر الحروب الغادرة التي شنت ضده فقط
لأن شعبه مسلم.. مما يدعونا إلى مناشدة المستثمرين المسلمين للاستثمار فيه ودعم اقتصاده ليقف على رجليه قويّاً
معتزاً بدينه وقوميته.
البوسنة وغيرها من الجهات السياحيّة في الدول الإسلاميّة تحتاج إلى مستثمرين شجعان يوظفون أموالهم لخدمة
دينهم أولاً، ولدعم شعوبها الفقيرة ثانياً، من خلال إقامة صروح سياحية على أعلى مستوى لجذب السيّاح، وضخ
أموال المسلمين في ديار المسلمين.
فالمرء حين يخرج من بلاده سائحاً يبحث عن التسهيلات التي تجعل من سياحته متعة، ومن وجهته قطعة من الجنة، وهذا لا يحدث في الدول الفقيرة وإن حباها الله بطبيعة ساحرة !!
إن التقصير في إقامة الخدمات التي تؤطر تلك الصور البهيّة كالبوسنة وصلالة على سبيل الذكر لا الحصر.. يسرق منها البهاء والجمال، فكلتا الجهتين رائعتان ولكنهما ليستا مخدومتين سياحياً بالقدر الذي يشجع على المكوث فيهما طويلاً وقضاء الإجازات الطويلة في ربوعهما، وهو حال كثير من الجهات البكر في تركيا والجمهوريات الإسلاميّة التي تحررت من ربقة الاتحاد السوفيتي..
لذلك نتمنى على من يهمه أمر الإسلام والمسلمين أن يعمل على استثمار ماله في خدمتهم ودعمهم لمواجهة التحديات والفتن التي تصب فوق رؤوسنا صباً.. وقانا الله وإياكم شر الفتن.. ما ظهر منها وما بطن.