بعد رحيل رمضان والعيد أسأل الله -عز وجل- أن يعيدهما علينا بالخير والثبات على دينه، تعالت أصوات من سموا أنفسهم بضحايا الساعة البيولوجية بالأنين والتوجع لاضطراب نومهم وثقل ساعات النهار عليهم، وأرى أنهم ضحايا أنفسهم وسوء إدارتهم للوقت، فالساعة البيولوجية أو الحيوية تعمل حسب مواعيد منظمّة لحياة الإنسان وصحته. فكثير
من عمليات الجسم تتم بانتظام كل 24 ساعة متفقة مع المحيط البيئي زمانًا ومكانًا.
وأي تغيير يطرأ على هذا الاتفاق من حيث الزمان كرمضان والإجازات، أو من حيث المكان كالسفر إلى أماكن
تختلف في مواعيدها اليومية كاختاف الليل والنهار عن الوطن سيخرج وظائف الجسم عن ساعتها المعتادة، فتتأثر تفاصيل الراحة، وتختل ساعات الطعام وغيرها من العمليات الجسدية المعتادة، فيشعر الإنسان حينها بالتعب
والإرهاق والأرق والعجز عن إدارة حياته وأداء واجباته كما ينبغي.
وهذا ما أصاب بعض المسلمن الذين ينامون نهار رمضان ويسهرون ليله حتى الصباح مخالفن الفطرة التي فطرنا
الله -عز وجل- عليها، بأن جعل النهار معاشًا والليل سباتًا.
ومخالف الفطرة لا يجد الراحة أبدًا حتى يعود إليها، وهذا ما يؤكده الباحثون في موضوع الساعة البيولوجية.. بل إن بعضهم يبن أنه كلما تم التحكم بطريقة أفضل في معرفة الساعات البيولوجية والإيقاعات البيولوجية، ساعد هذا العلماء
في إيجاد الطرق الصحيحة لتشخيص الأمراض وتحديد مواعيد الدواء بما يزيد من أثره الإيجابي والفعّال على صحة الإنسان. لذلك على الإنسان في مواسم السفر والإجازات والامناسبات أن يحاول مجتهدًا ألا يبارح منطقة راحته، وإن فعل فعليه ألا يبتعد كثيرًا فيختل نظام حياته، حفاظًا على صحته وكفاءة جسده وروحه.
بصراحة أنا لا أعرف من أين أتت فكرة أن كثرة النوم راحة، بينما العلم يؤكد أن ثماني ساعات كافية جدًا للراحة،
على أن تكون في الليل، حيث ضبط الله -عز وجل- ساعاتنا البيولوجية على ذلك، ولا يمنع من قيلولة قصيرة قبل
العصر لتجديد النشاط، وما زاد عن ذلك هو في حقيقة الأمر مرض لا راحة.. فلا يوجد أفضل من الاتساق مع
الفطرة وسنن الكون لراحة الروح والجسد، فمخالف الفطرة لا يرتاح أبدًا.