علموا أولادكم الثراء

Loading

العيد مكافأة إلهية في المقام الأول يكافئ الله -عز وجل- من خلاله المسلمين الذين قضوا رمضان صياماً وقياماً،

رغبة فيما عنده من غفران وعفو.. لذا كانت أيامه امتداداً للعطاء الإلهي، فنستهله بزكاة الفطر تزكية لصيامنا، ثم

نحييه بالعيديات والهدايا وبالصدقة والعطاء لمن لم يستطع للكفاف سبيلاً .. نعطي وننفق ونمنح الفرح والخير،

فيعود علينا بالرضا والسعادة.. تلك السعادة التي نراها مرسومة على محيّا أطفالنا، وهم يعدّ ون عيدياتهم في

نهاية اليوم، وكل منهم يراوده حلم صغير أو أمنية عزيزة يحققها بعيديته.

ورغم أن غالبية أطفالنا لا ينقصهم شيء -ولله الحمد والمنة- إلا أن الشعور بلذة الملكية وحرية التصرف في ا

لمال لا يضاهيه شعور، صغيراً كنت أم كبيراً.. وعليه أتمنى أن يكون للوالدين وقفة تربوية ّ مع المال.. فلو ب

ذلا بعض الوقت وتوجيهية تؤسس لعلاقة صحية في تعليم أولادهــمــا كيفية التصرف بالعيدية كنموذج لكل ما

سيحصلون عليه مستقبلاً كراتب أو ميراث أو تجارة، سينشأ الصغار نشأة اقتصادية صحيّة -إن جــاز لي التعبي

ر- وأرى أن يتحدث الوالدان والأبناء حول أهمية تقسيم أي مال يتحصلون عليه إلى ثلاثة أجزاء:

– الثلث الأول ونسميه حق معلوم.

وهو لتعويدهم البذل والعطاء للفقراء والمحتاجين، فلا يكبرون وقد أضاعوا الزكاة أو منعوها، كما يحدث من البعض هداهم الله.. فالزكاة ركن لا يستقيم إسلام المرء إلا به، والمتهاونون فيه سيلاقون حساباً عسيراً… كما أن للصدقة شأناً عظيماً في حياة المؤمن، ويكفي أنها تطفئ غضب الله عزّ وجل.

– أمــا الثاني نسميه «ادخــر لمستقبل أفــضــل».. لتعويدهم على الادخـار، فالإنسان بطبعه يتطلع للأفضل كما أن دوام الحال من المحال.. التوفير يعطي المـال قيمته الحقيقية في علاج الحالات الطارئة التي قد تطرأ للمرء وتدفعه للديون الربوية مثلاً .. فإذا ادخر نجا وحقق لنفسه فرصاً ذهبية دون الحاجة للآخرين.

– ويخصص الجزء الأخير لتحقيق حلم الصغير وأمنيته العزيزة، وإن لم يكن كافياً علمناه الصبر حتى يتمه، فيتعلم الرضا بالمقسوم، ويكتسب القدرة على الادخار.

كما أوصي بحواره حول ذلك الحلم، فإن لم يكن مستحقاً حوّلناه بإقناع ولطف إلى خيار آخر، ليتعلم أن لا خير في كل ما نتمناه، وأن الحياة خيارات، وعليه أن يحسن الاختيار، من خلال طرح سلبيات وإيجابيات الخيار المـطـروح.. فينسحب ذلك على مختلف جوانب حياته، فيحسن اختيار لعبته ليكبر، ويحسن اختيار تخصصه الدراسي، ثم اختيار فرصة عمله، وكذلك اختيار شريك حياته.

لا تعجبوا أيها الأعــزاء، فهذه هي التربية الحقيقية، سلسلة من المواقف الحياتيّة التي نستثمرها في غــرس القيم والأخــلاق في نفوس أطفالنا بشكل مباشر بالتوجيه أو غير مباشر بالقدوة الحسنة.. فهي جهد عظيم وأجره عند الله أعظم، فعملية البناء عملية مضنية لكنها خلّاقة، لهذا استحق الوالدان تكريم الدنيا والآخرة.