رسالة هاتفية في منتصف الليل الحالك تنبئك بفاجعة ظلمتها أشد حالكة فتتنهد قائلاً: الحمد لله.. لله ما أعطى.. لله ما أخذ. إنا لله وإنا إليه راجعون. بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره احتسبنا فقيدنا (عادل بودي) الذي فجع جميع من عرفه بفقده.. وأنا أحد الذين عرفوه عن قرب، فزوجته أخت دنياي وصديقة عمري منذ الطفولة، لذا كان الألم مضاعفاً والحزن كبيراً.. بكيناه رجل أسرة بذل الغالي والنفيس في تأسيسها وحمايتها من غوائل الدهر، فجاء رحيله ليترك الباب موارباً أمام مرحلة انتقالية صعبة لا تعرفها إلا امرأة فقدت زوجها وعانت مرارة ذلك الفقد العظيم. بكيناه أبا لولد وابنتين، عمل مخلصاً في غرس القيم والأخلاق في نفوسهم، وقام بواجب تربيتهم دون إفراط ولا تفريط. بل كان يوصيهم بالخير حتى الرمق الأخير.. غفر الله له. بكيناه زميل عمل يقدر الكبير ويدعم الصغير.. متفانياً في عمله صادقاً في عطائه.. رحمه الله. بكيناه صديقاً للجميع، كريماً معهم بأخلاقه الحسنة وأفعاله الجميلة.. وكيف لا نبكي إنساناً هذه صفاته، أراد الله -عز وجل- أن يرحل باكراً ونحن مستسلمون لقضاء الله وقدره. عادل تقبّله الله كان على خلق حسن، أسال الله له جوار النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنات النعيم.. قال الرسول -صلى اللّه عليه وسلم- في حديث حسن: “إن أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً في الدنيا” .أسال الله لأهله ومحبيه الصبر على فراقه، وهو ألم لو تعلمون عظيم.. إنها مصيبة الموت.. من منّا لم يذقها ويعاني منها الفاجعة التي تدور علينا في كأس كل منا شاربه ولو بعد حين.. نسأل الله حسن الخاتمة. الموت الدرس البليغ، فمن لم يتعلم من الموت مات جاهلاً.. كفى بالموت واعظاً.. ومن لم يتعظ بالموت كان متحجر القلب قاسياً.. فلنتدارس حقيقته في كل سرادق يقام للعزاء. ونحاول سبر أغواره التي تقودنا إلى الإيمان الحق.. فأمام القلوب الحزينة تتضاءل الدنيا وما فيها وتضمحل حقائقها.. بل ليكن الموت حاضراً في كل تفاصيل حياتنا اليومية، ولنعد له العدّة راحلين أم مرتحلين عنهم، كلا الأمرين يحتاج منّا إلى إعداد وزاد. اللهم لا تسلب منا إيماننا في لحظاتنا الأخيرة، وأجرنا من عذاب ما بعد الموت، وأسكنّا جنات النعيم، نحن وأحبتنا أجمعين. إضاءة يا من أخذت من اسمك جل معناه أسال الله أن يسكنك بيت الحمد، وينزّل على قلبك السكينة والاطمئنان.. ويعينك على حمل الأمانة، ويبلغك فيهم خير الدنيا والآخرة.