إن مفاجأة الأسبوع الماضي التي تمثلت في سحب سفراء دول خليجيّة شقيقة من قطر -والتي ما زلنا نحاول فك أسرارها وإخضاعها لتحليل منطقي وعقلاني- جعلتنا في مواجهة مع المواطنة الحقة وواجباتها، خاصة في عالم مفتوح يضج بالأخبار والتقارير والتحليلات التي تجعل الحليم حيران، كما يفيض بالشائعات السامة المغرضة التي تمتحن الانتماء والولاء، وتصقل معدن الإنسانية بدواخلنا وتمحص ديننا وثوابتنا لنخرج منها أكثر ثباتاً وأقوى عوداً. إن لهذه الأمة أعداء تاريخيين اختلفوا معها منهجاً ومذهباً وشريعة وتصادموا بها جرياً وراء خيرها وثرواتها، لذلك لا نستغرب إذا ما سهروا للتخطيط والتنفيذ بضرب أسفين الفرقة والشقاق في جسد آخر أشكال التعاون العربي.. ففرق تسد إحدى تعاويذ الأعداء منذ الأزل.. ولا شك أننا في قطر مستهدفون لأننا قررنا الاختلاف والاستقلالية، وأصبحنا -بفضل الله عز وجل ثم توجهات قيادتنا الحكيمة بدءاً بطيب الذكر صاحب السمو الأمير الوالد وصولاً إلى سمو الأمير الواعد- جزيرة للقيم الراقية والثوابت الراسية في بحر المصالح المتلاطم الأمواج.. الذي لا يراعي للإنسان إلاً ولا ذمة!! وعليه وجب علينا كمواطنين الالتفاف حول قيادتنا ودعم مواقفها المشرفة، وهذا ما لمسناه حقيقة في الأيام القليلة الماضية، إلا أننا لاحظنا أيضاً انجرار البعض لمواقف مثيرة للشفقة والحزن لا ينبغي علينا الاستسلام لها!! وأقصد بها الرد على الهجوم البذيء الذي اعتاده حسّاد قطر -كفانا الله شرهم-. إن تبني موقف حكومتنا الرسمي أبلغ رد على طيور الظلام الذين باعوا ضمائرهم وذممهم للشيطان فراحوا يقلبون الحق باطلاً ويلبسون الباطل ثياب الحق.. إن للحوار والمناظرة والنقاش معايير لا يجوز التنازل عنها وإلا تحوّلت إلى جدل مقيت وردح مسف يحرق جسور العودة ويبصق في بئر الأخوة.. إن شعوب الخليج امتازت بأخوة الدين والدم التي تشدنا بروابط العائلة والنسب إلى بعضنا البعض شداً.. روابط اكتسبت مع الوقت قوة وصلابة لا يقوى على تفتيتها أي موقف سياسي. وقد تجلى ذلك أعقاب القرار المفاجأة الذي أتوقع إلغاؤه إذا ما استجاب الحكام لجهود الخير والمساعي الحميدة التي يقوم بها قادة صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. يعلون الأخوة فوق المصلحة. خاصة أن يد قطر الكريمة ممدودة للمصافحة من خلال بيانها الذي اتسم بالحكمة وتقدير تلك الروابط، وجاء استجابة لرغبة الشعب في المضي قدماً في الاختلاف الجميل الذي ميّز قطر وجعلها كعبة للمضيوم. وهو خط لا نقبل الحياد عنه، ورؤية لا نقبل التنازل عنها مهما كانت الضغوط.. وحتى تتم المصالحة أوصيكم بحسن استغلال شبكات التواصل الاجتماعي وعدم الالتفات للشائعات والوقوف بشدة في وجه الأخبار والتحليلات والتقارير المشبوهة والمجهولة المصدر، وأخيراً تجاهل البذاءات والسقوط الأخلاقي وعدم الانجرار للمشاركة فيه، ودعوا الأفاعي تموت بسمها.. وارتقوا… إضاءة المواطنة أفعال مشرّفة تعكس صورة الوطن الجميل فلا تشوّه تلك الصورة باندفاعك في مجادلات عقيمة مع المرتزقة… واطمئن فإن قطر في حفظ الله عزّ وجل.