شوك وزهر

Loading

يحل رمضان كضيف طال انتظاره نستقبله بشوق ورجاء.. ونلهج بالدعاء عسى الله عز وجل أن يتقبل منا صالح الأقوال والأعمال في هذا الشهر الكريم. بل حتى تارك الصلاة تجده فرحاً مستبشراً برمضان ويصومه!! رغم أن الصلاة هي الركن الأقوم والأولى بالأداء، إلا أننا لا نستطيع إلا الدعاء له بالهداية، لعل رمضان وصيامه يكونان طريقاً ممهداً نحو الالتزام بالصلاة والمواظبة عليها.. فمن يدري لعلها البداية؟! في رمضان ينقلب يوم الإنسان إلى ما بعد الإفطار، فتحلو الدعوات واللقاءات والسهرات العائلية أو مع الأصدقاء ليلاً، وحينما يفكر في كيفية قضاء وقته، خاصة أنه جاء هذا العام طويل النهار قصير الليل تجد التلفزيون يقفز كخيار مطروح وسهل، إلا أن شياطين الإنس جعلت منه بستان شوك يدمي العيون لما حفلت به المسلسلات من مشاهد لا تليق لا برمضان ولا بغيره. فعاماً بعد عام صار رمضان عند البعض تجارة رابحة مع إبليس، ينشغل معه طوال العام بالتحضير للملهيات التي تشغل الصائم عن الأوقات الثمينة في رمضان وحشوها بالتفسخ الأخلاقي دائماً والعقدي أحياناً!! ولو تصدى ناقد أو راصد للمسلسلات التلفزيونية والبرامج الترفيهية في رمضان سيلحظ مدى السقوط الأخلاقي الذي تتسم به القصة والسيناريو والحوار والمشاهد والمقدمون، وسيجد نفسه يردد: لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأحياناً كثيرة: حسبي الله ونعم الوكيل في شياطين الإنس التي تمردت على كل دين وعرف. إنني أجد الجرعة تزيد عاماً بعد عام، وأجد الانحلال يستشري تحت مزاعم أن تلك الأعمال تنتقد واقعاً وتحاكي المجتمع ومشكلاته، فتنقل لنا صورة عن مشكلاتنا وما نعانيه في بيوتنا! إلا أنه في الطرف الآخر رجال عاهدوا الله على الصدق وتقديم نماذج مشرّفة لما يجب أن تكون عليه الأعمال في رمضان وغيره.. فكانت أعمالهم زهوراً تنشر عبقاً أخلاقياً طيباً وقِيماً كريمة راقية عبر برامج تنتقد المجتمع ولا تسيء إليه.. وتعرض مشكلاته لا غسيله القذر. ومنها على سبيل الذكر لا الحصر المسلسلات التاريخية التي تبعث فينا العزّة والهمة، والحمد لله أن تلفزيون قطر اختص بها فحرص على تقديم أعمال متميزة كل رمضان. البرامج كخواطر الشقيري، ووسم العودة، وتلذذ الخراز، ومشاهد العوضي، وحكمة عبد الكافي، والليثي، وغيرها من البرامج الناجحة التي تشهد إقبالاً منقطع النظير. كما نجح الفخراني خلال ثلاثة مواسم في ربط الناس بالقرآن من خلال قصص القرآن الذي يأتي على هيئة قصص كرتونية. وأرى هذا العام الأعمال ذات الأبعاد الثلاثية كمسلسل كليم الله عليه السلام، وأتوقع له النجاح أيضاً. وهناك أيضاً بعض البرامج الترفيهية كالمسابقات وغيرها نجحت في تقديم المتعة والفائدة، بعيداً عن جسد المذيعة وتسطيح المذيع.. أو استهبال كليهما!! إنني أتساءل: كيف يأمن هؤلاء مكر الله وفجأة عقابه ونقمته؟؟ الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به، وفضلنا على كثير من خلقه. الجميل أحبتي.. أن مجتمعنا ما زال متعلقاً بأهداب الفضيلة، ويحرص على التمسك بقدسية الشهر، فتجد شبابه ينظمون حملات تقاطع تلك الأعمال المخلة، وينادون باستثمار الأوقات النفيسة في التعبد وحصد الحسنات. والأجمل أن تلك الحملات تجد صدى واستجابة، مما يثبت أن الخير في أمة محمد حتى قيام الساعة. إضاءة: تخيّل رمضان حبيباً لا يأتي إلا مرة واحدة كل عام فماذا ستفعل استعداداً للقائه وقضاء الوقت معه؟ افعل وستجد في نفسك اختلافاً كبيراً.. وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.