و.. لن ترضى عنك

Loading

دعتني صديقة مقربة إلى العشاء في أحد الفنادق الصغيرة التي تطل بخجل على الكورنيش، طلباً للهدوء وبعداً عن صخب الليل في الدوحة.. اخترناه هرباً من الجلسات العابقة بالشيشة والضحكات الرنانة والملابس غير المحتشمة، وكذلك الأفعال التي باتت طابعاً للمطاعم والفنادق الكبرى والمواقع السياحيّة وأولها سوق واقف الذي استأثر به أولئك، وأجبرونا على تركه ترفعاً ودرءاً للمفاسد.. فصرنا كالمستجير بالرمضاء من النار!! كان الفندق هادئاً فعلاً، ومطعمه قليل الرواد، أجواؤه مريحة، يقدم طعامه بطريقة البوفيه، إلا أنني تعجبت سؤال (النادل العربي) إذا كنّا سنطلب العشاء من قائمة الطعام! ولكن سرعان ما بطل التعجب حينما قمنا لانتقاء عشائنا من أطباق شهية وجذابة، ففوجئنا بالنادل –الفلبيني– يقفز أمامنا مشيراً لبعض الأطباق بأنها تحتوي على الكحول! هكذا بكل صفاقة يقدم الفندق أطعمته الملوثة بالكحول جهاراً دونما خجل أو مواربة، دون أن يعزلها على طاولة منفصلة، أو على الأقل يضع لافتة تشير لذلك كما تفعل الدول المتحضرة! عدنا إلى طاولتنا والضيق يأخذ منّا كل مأخذ، والتساؤل يبلغ مداه الأقصى من الألم: هل نحن في قطر فعلاً؟ وما إن خفت حدة الألم حتى اشتعلت مجدداً بعد قراءة خبر نشرته صحيفة «العرب» الخميس الماضي على صفحتها الأولى تحت عنوان: كحول في مدرسة أجنبية! عجباً هل وصلنا إلى هذا الحد؟ ترى لمن ستقدم المدرسة ذلك الكحول؟ بل هل تجرؤ هذه المدرسة على إدراج الكحول في قائمة المشروبات في مقرها الرئيس وبلدها الأم؟ وهل تجرؤ على المضي قدماً في حفلها الموبوء بزجاجات الخمر رغم احتجاجات الأهالي لو علمت رقابة صارمة من مجلس التعليم الذي أثبت في أكثر من حالة مشابهة أنه آخر من يعلم؟ يقول الله عزّ وجل في سورة البقرة الآية (120): «وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ». فعن أي رضاً تبحث أيها المسؤول حينما تسمح بذلك؟ وأي ثناء ستحصل عليه؟ وممن؟ والله عز وجل يقرر في قرآنه الكريم أن من تغازلهم بهذه التنازلات لن يرضوا عنك حتى تتبع ملتهم وتعتنق مذهبهم وتتأسى بعقيدتهم.. فهل هذا ما تبحث عنه؟ ليخبرنا عاقل بالهدف من وراء السماح بتفشي البارات ومجالس الخمر في دولتنا المسلمة التي ما زال أهلها –ولله الحمد والمنة- يحرصون على الفضيلة ويتشبثون بدينهم ويدافعون عن مجتمعهم ضد أي ممارسة دخيلة؟ لماذا الإصرار على جعل المواطنين يصارعون التغريب في بلدهم؟ هل المكاسب التي ستحققها السياحة جديرة بسكب الدين والحياء في طرقات سوق واقف وغيره من المواقع السياحيّة؟ كيف وصلت الجرأة إلى السماح بفتح البارات والمطاعم في وقت تجنح فيه بعض الدول الغربية التي قاست الأمرّين من الخمر إلى تقنين ذلك؟!! بل إن بعض المطاعم الغربية تفخر بأنها تقدم أجواء عائلية تخلو من الكحول! لن أسهب في شرح مضار الخمر ولكن المثل يقول: اسأل مجرب. ومع ذلك لا تكلفوا أنفسكم عناء السؤال لأن الكوارث الإنسانية التي تستجلبها الخمر على الأفراد والمجتمعات في دول العالم كفيلة بالإجابة.. وحتى يراجع البعض قراراتهم التي تصادم الفطرة وتحارب المواطن أقول حسبنا الله هو مولانا ونصيرنا.. إضاءة: عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) «صحيح الترمذي». فهل تتحملون وزر الكسب الحرام يا مسؤولينا الكرام؟