بتنا كالنعام

Loading

 بالأمس طالعت البيان الصادر عن علماء الأزهر بخصوص مراجعة الأعمال الأدبية الصادرة في عهد الرئيس السابق وبموافقة وزيره فاروق حسني الأطول عمراً بين الوزراء، وبصراحة خجلت أن أتمها لما تم حصره من ألفاظ خارجة وتصوير فاحش يندى له الجبين. فتذكرت الأفلام والمسلسلات العربية والمستوى –اللا أخلاقي– الذي وصلت إليه، وكيف أنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وهتكت ستر المجتمعات تحت دعوى باطلة هي طرح المشكلات للبحث عن حلول! تلك الحلول التي تنصل منها كل فريق العمل، لأنها ليست مهمتهم -كما يزعمون- فالفنانون المبدعون لا يشتغلون بالحلول! وإن كنت عاتبة فإنني أعتب على جمهور عريض يشجعهم ويذهب إلى أفلامهم ويقتات مسلسلاتهم.. هذا الجمهور الذي يهب هبة عنترة ويهاجم المسلسلات المكسيكية والتركية لأنها تخالف عاداتنا وتقاليدنا!! ناسياً أو متناسياً أن المكسيكيين والأتراك لم يفعلوا شيئاً سوى عكس صورة مجتمعاتهم العلمانية المتحررة من سلطة الدين، والتي تعلي شأن الحرية الشخصية، فلا عجب إن جاءت أفلامهم ومسلسلاتهم على هذا النحو!! العجب كل العجب أن تجنح المسلسلات العربية عامة -والخليجية المحلية خاصة- لتضخيم الأحداث الفردية النتنة، وتصويرها كأصل لا استثناء، وعكس النماذج المختلة المنحرفة وتقديمها كواقع يومي معاش!! والمخزي حقاً جرأة -أولئك المبتدعين لا المبدعين- على رمضان الكريم وجعله موسماً لكشف السوءات، وتعرية المجتمعات ومواجهتها بغرائزها، وإعلاء شأن شهواتها في لهاث شيطاني نحو المال الذي بات يحكمنا وصوته أعلى من أصواتنا التي بحت، وهي تنادي بإيقاف هذا التهتك المستتر بالإبداع!! إنني حينما أقرأ هجوماً على المسلسلات التركية حالياً والمكسيكيّة سابقاً أبتسم ابتسامة مريرة تدفعني للبكاء على حالنا… فتناقضنا يثير شفقتي. أعتقد أن هذا الهجوم إما أنه ركوب للموجة، أو أنه دفن للرؤوس في رمال التغافل عما تحشى به مسلسلاتنا التي تنتجها دول عربية تدين بالإسلام، وتحكمها منظومة قيم ووثائق بث فضائي وضعت لحماية العائلة من الغزو الثقافي الذي يستهدف معتقداتنا في عقر منازلنا. فما بالنا نتباكى على الدين والأخلاق، ونتشاكى من الغزو الثقافي وإنتاجنا المتلفز والسينمائي يدك أساس مجتمعاتنا دكاً دكاً!! لا بد للمسؤولين -الذين سيقفون بين يدي الله -عز وجل- ليسألوا عن رعيتهم وأماناتهم- أن يعملوا ليوم آت لا ريب فيه، ويعودوا بإعلامنا وثقافتنا للأصالة والمحافظة على الثوابت والقيم، لأن الله يمهل ولا يهمل. إضاءة.. منذ افتتاح التلفاز رسمياً وقنواته تتسابق لعرض الأفلام والمسلسلات الأجنبية، إلا إنها لم تلق هجوماً كالذي يحدث –الآن- مع المسلسلات المكسيكية والتركية.. أتعلمون لم؟ لأنها -في ذلك الوقت- كانت تخضع للرقابة أما -اليوم- فقد أقيل الرقيب وتم الاستغناء عن خدماته، لتترك نوافذ المجتمع بلا سياج! فحسبي الله ونعم الوكيل.