تعوّل قطر على مواطنيها وتعمل بكل طاقتها من أجل توفير سبل الرخاء والعيش الرغيد لهم.. فتسن القوانين وتطرح المبادرات وتقام المشاريع في عملية تطوّر عظيمة يقف العالم شاهداً عليها معجباً بها مصفقاً لها.. ولا يخلو الأمر من الحسد أيضاً!! وككل تغيير لا بد من ضحايا، إلا أن قطر فاقت كل العالم في نوعية الضحايا الذين قدمتهم على مذبح التغيير، حيث حوّلت عدداً لا يستهان به من شبابها الناضج المترع بالخبرات إلى التقاعد بعد وقوفه أعواماً على جسر البند المركزي والأمانة العامة!! حوّلت الألأف ممن لم يصلوا بعد حتى لاستحقاق التقاعد المبكر في خطوة مؤلمة تتنافى مع توجهاتها ورؤيتها التي تعلي من قيمة المواطن، وتوفر له كل حقوقه التي يفرضها دستور ارتضى حكمه الجميع. وهو أمر مؤلم بلا أدنى شك ويبدو أنه أوجع حتى المسؤولين الذين أعلنوا خلال المعرض المهني الأخير أنهم بصدد إدخال فئة المتقاعدين للفئات المستهدفة من الفرص المقدّمة من المعرض بالتعاون مع وزارة العمل، للاستفادة من خبرات تلك الفئة خاصة (ممن لم يتجاوز عمره 40 عاماً) على حد تعبير السيد خالد السليطين الرئيس المشارك للجنة التوجيهية العليا في تصريح نشرته الصحف المحلية الأربعاء الماضي. ونحن إذ نقرأ مثل هذه التصريحات فإننا نشكر الله عزّ وجل على استدراك الدولة للأمر، وإتاحة فرصة العمل مجدداً لأبنائها الذين أنفقت على تعليمهم وتدريبهم ميزانيات ضخمة إلا أنه ونتيجة لأسباب مجهولة تم التخلص منهم تحت طائلة التحوّل إلى هيئات وغيره من التغيّرات. إلا أننا نتوقف أمام تخصيص الفئة المرغوبة بمن لم يتجاوز الأربعين عاماً، مما يعني أن سن التقاعد الجديد في قطر سيكون 40 عاماً! وهذا إجحاف في حق الوطن ما بعده إجحاف، حيث حرم من جهود مواطنيه المخلصة قبل وصولهم للتقاعد المتعارف عليه دولياً وهو 60 عاماً! إن حرمان المواطنين الذين لم يصلوا إلى سن التقاعد المتفق عليه يعني حرمان الوطن أيضاً من جهود 20 عاماً من العمل الشريف والجهد المبارك لأولئك المتقاعدين الشباب. وأنا كمطلعة على الوضع ورأيت عن قرب معاناة هؤلاء المتقاعدين أقترح على الجهات المعنيّة دراسة أوضاعهم وإعادة من يرغب منهم للعمل ما دام لم يصل إلى الستين. وفرض سياسة إحلال على كافة المؤسسات والهيئات، بل وحتى الشركات الخاصة التي تتميز بدعم حكومي وتسهيلات، بدلاً من استقدام (خبراء) أكل عليهم الزمن وشرب، وإحلالهم محل أبناء الوطن الذين لم تتح لهم فرصة كافية للإنتاجية ورد جميل الوطن، الذي أعطى فأجزل العطاء، إلا أن بعض مسؤوليه بخلوا على إخوانهم بحقوقهم فأحالوا الآلاف للتقاعد ووضعوا سناً جديداً للتقاعد! لأن أهل قطر أولى بخيرها الذي يتكالب عليه الأخرون.. فهل من رقيب حسيب يعيد الأمور إلى نصابها؟! إضاءة.. بعض المتقاعدين ممن أحيلوا ظلماً ولم يبلغوا بعد سن التقاعد لا يرغبون في العودة للعمل، لأنهم لا يأمنون جانب مزاجية المسؤولين التي قد تنهي أحلامهم مجدداً تحت أعذار واهية.