أنا مع التعدد وأنتم

Loading

يتخذني كثيرون وكثيرات مستشارة لهم، وهذا من دواعي سروري دون أدنى شك، فأنا ممتنة لثقتهم وشاكرة لكوني جزءاً مهماً في حياتهم.. لذلك حينما سألوني عن التعدد.. قلت هو من أمر الله.. وهو رخصته المقيدة بشروط.. فالتعدد رخصة إلهية منحها الله عزّ وجل للرجال، وقيّدها بشرط قوي هو العدل لقوله تعالى في سورة النساء: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النساء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا). فمن نكون نحن النساء حتى نمنع التعدد على الأطلاق.. يقول الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً»؟ بل أي مجتمع مسلم ندّعيه ونحن نستميت في محاربة سنة رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام؟ فهل رجالنا أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؟! أم نحن أفضل من أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابيات الجليلات؟! مؤسف ما أحدثته الدراما العربية التي حرّمت حلالاً وأحلّت حراماً والتجارب السيئة من ضرر جسيم لهذه الرخصة، ولكن ذلك لا يعني أننا نملك منع تنفيذها لمن أراد التعدد مستعداً لتحمل شرطه الصعب. إن التعدد رخصة إلهية وسنة نبوية ومن كان إيمانها تاماً يجب عليها الامتثال لذلك.. ففي اعتقادي أن محاربة التعدد نقص خطير في الأيمان.. لذا يجب علينا مراجعة النفس وتقويمها، فليس في الدنيا ما يستحق أن نخسر الآخرة من أجله، حتى ولو كان زوجاً قاسمناه الحياة وشاركناه حلوها ومرها. حاولت أن أستبين رأي النساء عن الأسباب التي تؤدي لرفضهن التعدد فدارت أسبابهن في مجملها حول الغيرة.. والغيرة –عزيزاتي- مرض يجب أن يعالج، لا صفة ممدوحة نتشدق بها.. خاصة حينما تأتي -في بعض الأحيان- من منطلق التملك، لا من منطلق الحب. لا أدري من ضحك على النساء بل وحتى على الرجال وأخبرهم بأن الزواج ملكيّة تتيح للزوج التحكم في الزوجة كيفما شاء، أو تعطي الزوجة حق حرمان الزوج من حقوقه. إنما الزواج هو شراكة قائمة على عقد له شروط، فمتى ما أخلّ بالشروط أتيحت للشريكين فرصة فسخه إذا شاءا طلاقاً أو خلعاً.. فالدين دين يسر واسع.. ومن عفا وأصلح فأجره على الله. في اعتقادي أن عجز بعض الرجال عن إقامة العدل في حالة التعدد هو أسوأ مخاوف الزوجات.. فبعض الرجال يميل كل الميل ويذر الزوجة الأولى معلقة، وقد توعد الحق تبارك وتعالى من يفعل ذلك بأنه سيأتي يوم القيامة وشقه مائل.. كما توعّد الظالمين بحساب سابق في الدنيا لا الآخرة.. ومن ناحية أخرى وعد سبحانه وتعالى من تصبر وتتقي الله بجنة عرضها السماوات والأرض. وأرى أن دافع الرجل للزواج مرة أخرى قد يرتقي به كإنسان عادل، وقد يجعله أسفل سافلين كباحث عن المتع والشهوات فينسى من أجلها كل الفضل بينه وبين زوجته الأولى.. فلينظر الراغب في التعدد عم يبحث؟ هل يريده زواجاً مباركاً يثمر خيراً أم إطاراً شرعياً للمتعة ولا غيرها؟! فمن يتزوج مرة أخرى بحثاً عن المتعة سيفشل في الزواجين.. كونوا على ثقة من ذلك -إخوتي الرجال- فالزواج سكن ومودة ورحمة سواء كان الأول أو العاشر.. وتذكروا أن من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، أما من طغى واستغنى فهو في نار تلظى.. وهذا مصير لا نريده لأحد، فكيف بزوج تظن زوجته عبثاً أنها تحميه من هذه النهاية إن هي منعته من التعدد! إضاءة المجتمع بحاجة إلى إعادة النظر في التعدد للتخلص من النظرة السلبية التي لحقت به.. فلو نظرنا للأمر نظرة دينية سليمة، وكانت النية العفة والأحصان والستر والأنفاق ليسّر الله أمورنا وأعان أزواجنا على العدل.