القناطر السبع

Loading

روي عن بعض أهل العلم أنه قال: لن يعبر أحد الصراط حتى يسأل في سبع قناطر: ففي القنطرة الأولى يسأل الأنسان عن الإيمان بالله والأخلاص فيه.. فهل تيقنت عزيزي القارئ من خلوص إيمانك بالله من الشركيات الصغرى التي قد تودي بك دون أن تعلم؟! فمن البديهي ألا يعبد المسلم مع الله إلهاً آخر ولكن في زمن الفتن هذا لا يخلو الأمر من عوالق فطهّروا إيمانكم وعقيدتكم منها لتجتازوا القنطرة الأولى إلى الثانية، حيث يسأل العبد عن الصلاة وما أدراك ما الصلاة وعظم مكانتها في الأسلام وكيف لا؟! وهي الصلة المباشرة بيننا وبين الله عزّ وجل.. فهل أقمت صلاتك على أحسن وجه؟! هل التزمت بها في أوقاتها واحترمت مواعيدها كما يحترم طلّاب الدنيا مواعيد رؤسائهم بحثاً عن الرضا السامي وينسون موعدهم مع الخالق الذي بيده كل شيء؟! لا شك أحبتي الكرام أنكم تعلمون بأن العهد بيننا وبين الكفار هو الصلاة، فمن تركها فقد كفر ولن يستطيع أن يصل إلى القنطرة الثالثة.. أما من جعل الصلاة التامة عنواناً لحياته فيصل إلى هناك ليسأل عن صوم رمضان والصوم كما تعلمون هو العبادة الربانيّة الوحيدة التي لا تؤدى لمخلوق وإنما هي خاصة بالخالق وحده، لذلك يقول الله عزّ وجل عنها: «الصيام لي وأنا أجزي به..» ولا ننسى أن صائمين الفرض والنافلة يدخلون الجنة بغير حساب.. فتأكد من قيامك بهذه العبادة الجليلة لتنتقل إلى القنطرة الرابعة لتسأل عن الزكاة. وكم هو مظلوم هذا الركن الأعظم من أركان الأسلام فقد نكص عنه بعض المسلمين بمجرد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاربهم عليه سيدنا أبوبكر -رضي الله عنه- حتى يثبّت ركناً مهماً من أركان الدين القويم.. وما زال البعض يتقاعس عن أداء الزكاة، لأنه برأيي أسير فتنة المال وعبد لشهوته بل هو مغتصب للحقوق!! ألم يصف الله -عز وجل- الزكاة بأنها حق معلوم للسائل والمحروم؟! فهل أديت تلك الحقوق على أتم وجه لتعبر إلى القنطرة الخامسة فتسأل عن الحج والعمرة وكم من الأخطاء والتجاوزات ترتكب هناك.. وأرى أن تحوّل العبادات إلى عادات هو السر وراء تلك التجاوزات.. فاعتياد الشيء يفقده بعض أهميّته، وهذا ما يحدث حينما نرى حاجاً ومعتمراً يتسكع في الأسواق ويسهر في المقاهي العابقة بالسجائر!!! وغير ذلك كثير مما تراه عزيزي القارئ كلما زرت كعبة الله بحثاً عن الدعم الأيماني الكبير الذي تستمده من وجودك في تلك البقعة المباركة، فهل أحسنت حجتك وعمرتك لتنتقل للقنطرة السادسة عن الغسل والوضوء، حيث إن ديننا دين طهارة بل إن الطهارة كانت سبباً مباشراً في دخول الكثيرين للإسلام.. ووعد الله -عزّ وجل- من يسبغ الوضوء بالجنة.. وأوصى بالغسل في كل موضع حتى يمشي المسلم بين أتباع الديانات الأخرى وضّاء نقيّا من الداخل والخارج، وحين تنتهي من تلك القناطر الست التي تسأل فيها عن عبادتك ومدى إتقانك لها وإحسانك لنفسك من خلالها تأتي إلى القنطرة السابعة التي تنصب حائلاً بينك وبين باب الجنّة لتسأل فيها عن حقوق العباد.. فليس في القناطر أصعب منها، حيث يأتي موعد القصاص فيسأل العبد عما اقترفه في حق الناس.. وفي هذه يقول سفيان الثوري: إنك إن تلقى الله -عز وجل- بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد، لأن الله غني كريم وابن آدم فقير مسكين محتاج في ذلك اليوم إلى حسنة يدفع بها سيئة.. وعبد الله بن أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يحشر العباد -أو قال الناس وأومأ بيده إلى الشام- عراة غرلاً بهماً قال: ما بهماً؟ قال: ليس معهم شيء فيناديهم بصوت يسمعه من بعد ومن قرب أنا الملك أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وواحد من أهل النار يطلبه بمظلمة حتى اللطمة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وواحد من أهل الجنة يطلبه حتى اللطمة قال: قلنا: كيف وإنما نأتي الله عراة حفاة؟ قال: بالحسنات والسيئات. فهل أنت مستعد لهذا الموقف العظيم؟! إن العاقل من أعدّ العدّة للرحيل ولم ينتظر الموت بغتة، وقد أثقلت حقوق الناس عاتقه.. فسارعوا إلى رد الحقوق لأهلها واستغفروا الله عن كل من تعرضتم له بلسانكم وأيديكم بل حتى بقلوبكم!! بادروا من الآن، لأنه من مات قبل رد تلك الحقوق أحاط به خصومه يوم القيامة حتى يفلس بنك حسناته ويرمى في النار.. فاتقوا الله في أنفسكم ودعوا الخلق للخالق.