كمواطنة خليجيّة

Loading

عشت انطلاقة حلم الاتحاد بين دول الخليج تحت راية مجلس التعاون الخليجي في مستهل الثمانينيات، ما زلت أرى أن هذا الكيان لم يحقق طموحي الحقيقي في التعاون المثمر الذي يعود ريعه على أبناء هذه الدول.. وإن سمحت طبيعة بعض الأنجازات بالتحقق نتيجة اتفاق الدول الأعضاء ومباركة قادتهم.. إلا أنني كمواطنة خليجيّة أنتمي بقوة لهذا الكيان الذي أنعم الله عليه بأنعم كثيرة أريده أقوى، وشعبه أغنى وأسعد، نتيجة الظروف التي هيأها الله عزّ وجل له.. أريده مثالاً يحتذى في تطبيق مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي تضيّق الهوة بين طبقات المجتمع. فتكفل حقوق المواطنين وتمنحهم امتياز المواطنة الخليجية. أريده أنموذجاً إسلامياً يقيم للتكافل ميزاناً عادلاً، فلا نجد بين ظهرانينا فقيراً ولا محتاجاً ولا عاطلاً عن العمل. وأتوقع من مؤسساته الخيرية أن تكون أرحم بالأقربين وتتعاضد من أجل تحقيق ذلك. فكم يوجعني حال خليجي محتاج، وهو مواطن في أرض النفط والغاز! أريده كياناً اقتصادياً يعطي الأولوية لأبنائه في الاستثمار والعمل وإقامة المشروعات، بدلاً من فتح حدود لأقوام يجهلون ديننا وقيمنا، فيعيث بعضهم في أرضنا فساداً.. وبدلاً من الاستثمار خارج الحدود وتعطيل طاقات شبابه في بطالة مقنّعة قاتلة. فلا بد أن تعمل وزارات الاقتصاد والاستثمار والعمل على جعل الخليج بيئة مهيأة لذلك.. من أجل مصلحة مواطنيه.. أريده كياناً اجتماعياً متماسكاً لا يسمح للتغريب، ولا يضعف أمام الغزو المبرمج الذي يتم على يد المنتفعين من خيراته. كيان ثقافي متميز يعلي قيمة تراثه وفنونه، فما أغناه من تراث! وما أروعها من فنون! كيان إعلامي يقدّم صوراً حضارية لشعبه العربي المسلم فيقف لصدّ هجمات التغريب التي تستهدف نسيجه بدلاً من إنتاج أعمال لا تعبر عن قيم شعوبه.. وتتاجر بمشكلاته!! أريده كياناً يدعم مواطنيه ويقدم لهم كافة التسهيلات التي تجعل منهم مواطنين عالمين بامتياز، لأنهم يملكون القدرة على ذلك ومقدرات خليجهم تسمح بذلك بكل أريحيّة.. أرجو أن تأتي الدورة القادمة لاجتماع قادتنا وقد اتخذوا قرارات مصيرية مؤثرة تجعل من خليجنا اتحاداً يشار له بالبنان لتعاونه المثمر الذي يكفل لمواطنيه كافة الحياة الكريمة التي تليق بهم.