فيلم رعب

Loading

تصلني شكاوى متنوعة حول خدمات القطاع العام أطرحها هنا بحثاً عن حل يوقف تدفقها. وأملاً في وجود مسؤول على قدر المسؤولية.. ومنذ فترة تتواتر شكاوى حول موضوع واحد بتفاصيل مرعبة.. أضعها بين أيديكم مع إهداء خاص للمسؤولين في مستشفى النساء والولادة.. تقول أم حمد -مثيلاتها كثر- وهي أم شابة لطفل واحد فقط، لأنها تخشى تكرار الحمل بعد مرورها بتجربة قاسية هذه تفاصيلها وبقلمها: «يوم الولادة وما أدراك ما يوم الولادة، خاصة لأم تخوض التجربة لأول مرة، فقد عشت يوم رعب استثنائياً، بدأت أحداثه بأن أرسلتني اختصاصية الموجات الصوتيّة على عجل لمستشفى النساء قبل أن يحين موعد ولادتي بدعوى إصابتي بالسكر.. دخلت قبل الطّلق، فكانت طلقات المستشفى أشد وأبشع ألماً من الولادة الطبيعية، التي تصنف أنها ثاني أشد ألم في الحياة بعد الاحتراق أحياء!! لم يكن هناك دليل واحد يشعرني بأنني بين أيدي ملائكة الرحمة!! شعرت بأنني فأر تجارب يجرّب عليه طاقم التوليد أدوات التعذيب، بدءاً من إبر الطلق الاصطناعي وإبر الخزع، ثم الفحص النسائي المهين، مروراً بإبرة الظهر التي أعطوني إياها دون إذن أو توضيح ضرورتها وآثارها الجانبية على الأقل!! كنت وما زلت أحلم بآلام تلك الليلة البشعة، حيث أهملتني الممرضة المناوبة حتى ساعة متأخرة رغم قرعي المتكرر للجرس دون مجيب، ثم جاءت لتفاجأ بضعف نبض الجنين لتبدأ الأحداث المشؤومة بضخ جرعات حارقة في رحمي حتى ظننت بأنه سينفجر.. والمأساة أن الممرضة تسألني [أنا] عن حجم الجرعة الذي أريده!!؟ وهل أريد الولادة اليوم أو غداً! وحينما قلت أريد الولادة بأسرع وقت لأتخلص من هذا الوضع زادت الجرعة دون أي إحساس بالمسؤولية!! ثم عادت بعد أن تجاهلتني ساعات طويلة ومؤلمة مولولة لتلقي علي بلوم ضعف نبض الطفل، لأنني كنت أتنفس بصورة غير طبيعية!! ثم أرسلتني إلى غرفة التوليد مع عامل لا يعرف شيئاً عن راحة المريض!! وصلت إلى غرفة التعذيب –عفوا- غرفة الولادة، وهي غرفة مفتوحة لكل من هبّ ودب ليتفرج دون مراعاة لحرمة أو شعور!! العجيب أن هذا الكل يدلي بمقترحاته وبصوت عالٍ يخترق مسامع الجميع. كـ (اشرطيها بالموس.. اتركيها حتى تلد.. خذي خزعة من رأس الطفل) زاد توتري وأبطأت دقات قلبي أكثر. ليأتي صوت طبيب ما من بعيد أسمعه بوضوح فيزيد الطين بلة يقول: ماذا حدث لها؟! لماذا نبضات قلبها هكذا! ماذا أفعل أنقذها أو أنقذ الطفل؟! حينها نظرت إلى ساعة الحائط بعفوية وكأنني أريد تسجيل لحظة وفاتي!! جاءت لحظة الفرج -أو هكذا ظننت- بطلب الطبيبة تحويلي إلى غرفة العمليات، فرمت الممرضة خزعة طفلي في القمامة أمامي دون أي احترام!! وصلت هناك خائرة العزم منهكة القوى غائبة عن الوعي جزئياً فانهالت الأسئلة على رأسي كالمطارق ثم أخذ توقيعي على العملية رغم وجود والدتي خارج الغرفة!! لتأتي الضربة القاضية من اختصاصي التخدير الذي غرس إبرة في ظهري دون تمهيد فجلست بتلقائية لأتفاجأ بضربة شديدة على كتفي قائلا: استرخي حتى لا يحدث شيء فيتم اتهام مستشفى حمد؟! استرخيت فتدفق السائل في جسدي الذي كان يرتجف بعنف ليأتي الطبيب ويشرط بطني قبل أن يحدث التخدير مفعوله، صرخت من شدة الألم وصرت أنتفض فقالت الممرضة بالأنجليزية: إنها تعاني صدمة.. وكان الحل الأسهل والعلاج الأمثل تجرعي منوماً لأصحو على صوت الطبيب قائلاً: الحمد لله على السلامة، انتهت العملية القيصرية، وهي كبيرة لأن طفلك طويل! في الصباح زارتني ممرضة محترمة، وعاتبت والدتي التي عجلت بإحضاري للمستشفى، فأخبرتها والدتي بأنني مصابة بالسكر، لذلك جاءت بي بناء على رأي اختصاصية الموجات الصوتية.. فاستغربت الممرضة قائلة: لكن ابنتك ليست مصابة بالسكر كما توضح التحاليل! وانتهي بذلك أطول فيلم رعب في حياتي.. ضيّع فرحتي بطفلي الأول.. حسبي الله ونعم الوكيل، وجعلني أتردد في الحمل مرة أخرى حتى لا أعيش فيلم رعب آخر..» انتهت الشكوى.. وهناك الكثير من الشكاوى التي تتفاوت في تفاصيلها، إلا أنها تؤكد أن ما جاء في إيميل أم حمد ليس مجرد خبرة سيئة مرّت بها المسكينة، وإنما ظاهرة لا بد من تدخل المسؤولين لدراستها والوقوف على أسبابها لسرعة حلّها تشجيعاً للإنجاب وزيادة عدد السكان.. فبعض تلك الشكاوى كانت لأزواج يؤكدون رفض زوجاتهم الحمل خوفاً من تكرار تجربة الرعب بمستشفى النساء، حتى إن بعضهن لم يعدن إليه منذ المرة الأولى!! والبعض الأخر لجأن للمستشفيات الخاصة «الجشعة». فمن ينقذ النساء وقد وقعن بين مطرقة رعب مستشفى النساء وسندان جشع المستشفيات الخاصة؟! ما رأيكم.. طال عمركم.