نشرت صحافتنا المحليّة الأسبوع الماضي خبراً -على استحياء- مفاده أن قطر احتلت المركز الرابع على مستوى العالم في جودة التعليم! والمركز السابع في إدارة التعليم! وخبر مثل هذا كان ينبغي الاحتفال به سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، لكن لأننا نعلم -وأولنا القائمون على التعليم- أن هذا الخبر لا يعدو كونه نكتة سمجة لا تضحك.. تم تجاهل الخبر وكأنه لم ينشر، على غير عادة المجلس الأعلى للتعليم في التطبيل والتهليل لأنجازاته! لا أدري أي مؤسسة عالمية محترمة أخذت على عاتقها تزوير الواقع إلى هذه الدرجة؟! ولا أي مسؤول لا يخاف الله زوّدها بالمعلومات المغلوطة لنحصل على هذه الدرجات المتقدمة على مستوى العالم؟! درجات نتمناها حقاً تقديراً لجهود قيادتنا التي لم تقصّر في دعم التعليم حتى أصبح إنفاق قطر على التعليم هو الأعلى في العالم.. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. فكل بيت في قطر يقاسي الأمرّين من المدارس المستقلة سواء على مستوى الطلاب وتعليمهم أو على مستوى الموظفين وإدارتهم. ولا نحتاج إلى تذكير أحد بنتائج قطر في الاختبارات الدولية التي تعكس ما يجري على أرض الواقع في الميدان التعليمي، لأننا بالتأكيد لم ننس بعد فشل طلاب المدارس المستقلة في اختبارات قبول المدارس الخاصة المحلية! وهو خبر نشرته الصحافة متزامناً مع الخبر الأول. فعن أي جودة تتحدثون؟ وكل يوم لكم رأي وأسلوب واقتراح حوّل المدارس المستقلة إلى حقل تجارب، وأبناؤنا هم ضحيّة إدارة التعليم التي زعموا أنها تحتل المركز السابع على مستوى العالم!! فأي إدارة تبحث عن التفوق والتقدم على مستوى العالم وهي ماضية في غيّها تأمر المديرين بالمعروف وتنسى أنفسها.. فأغلقت أبوابها وسكنت أبراجاً عاجية أحاطتها برجال الأمن!! إدارة عجزت عن تكوين صف ثان لقيادة التعليم، بمحاربة المتميزين والمتفوقين، فأبعدت المتمكنين وقرّبت المستكنين! ولكم أن تبحثوا عن الفارّين من هيئة التعليم لتجدوا قائمة يعجزكم طولها.. نجح أفرادها في تبوّء مناصب قيادية في شتى أنحاء الدولة!! إدارة تفاجئنا كل عام بإصرارها على العودة إلى المربع الأول في النظام الجديد الذي يأبى أن ينجح على يدها، فكان آخر قراراتها الانفرادية التي تخالف مزاعمها في كون أولياء الأمور شركاء في التعليم، وأن الطالب مركز عملية التعلم لتخرج بعد سنوات من البناء بقرار -ثنائية اللغة- الذي يتجرع أولياء الأمور والطلاب والمعلمون مرارته دون أن يرف لها جفن. إدارة تصر على تطفيش أصحاب التراخيص ومن لم يستجب لها سحب ترخيصه وعلّق مستقبله على ورقة إخلاء طرف! إدارة عشوائية في قراراتها واختياراتها فتختار مديرين ومديرات ضعاف المستوى، حتى إن بعضهم لم يكمل شهوراً في عمله إلا وسحبت منه ترخيصه مما زاد طين النظام بلة، وحوّله إلى مجال طارد رغم الرواتب الفلكيّة! إدارة توافق على إجراءات المدارس في مكاتبها المغلقة لتعود وتنذرهم على صفحات الجرائد! وفي ازدواجية مقيتة تنذر مدارس خاصة ذات تاريخ مشرق، لأنها أجلت الدراسة حرصاً على أمن وسلامة الطالبات، وتتقاعس أمام مدرسة أجنبية تجرأت على قيمنا، وحاربتنا في عقر دارنا بطرد فتاة محجبة! واكتفت منها باعتذار لا يغني ولا يسمن من جوع. وأخيراً وليس آخراً إدارة وضعت الدولة في حرج التقاضي الذي ينتهي -في كل القضايا التي أعرفها- لصالح المدعين عليها!! في ظل تأفف الجهات الرسميّة من عدم تواصلها وبطء إجراءاتها. فعن أي جودة تعليم تتحدثون؟! وأي إدارة متقدمة تصفون؟! فـ (كلنا عيال قريّة، وكل عارف خيّه) إذا كنتم ترغبون فعلاً في التسابق على مستوى العالم، فأول ما ينبغي عليكم فعله أيها القائمون على التعليم التقدم باستقالتكم احتراماً لأولياء الأمور الذين عجزوا عن إنقاذ أولادهم وإلحاقهم بالمدارس الخاصة، فاضطروا تحت الأمر الواقع للتعامل معكم مجدداً. لأن هذا ما كان سيحدث في أي بلد متقدم يحترم العلم والمتعلمين. # د.عبدالرحمن عطبّة رحم الله المربي الفاضل وأدخله فسيح جنّاته فقد كان معلماً كريماً في علمه حريصاً على طلابه.