شاب قطري.. تخرّج من الثانوية وتعثر في طريقه إلى التعليم الجامعي، نظراً لعلو سقف الجامعة وتطاول أسوارها.. فانخرط في مجال العمل باكراً.. صارت لديه خبرة وجرأة ليخوض غمار القطاع الخاص -غير الأمن- فلدغ غير مرّة في غياب الرقابة الحكومية لذلك القطاع، الذي يتحكم فيه المقيمون خاصة في عملية التوظيف! فوجد فهد -وغيره كثير- نفسه عاطلاً وهو في العشرينيات من عمره.. في تمام قدرته على العمل والعطاء.. لكنه لم ييأس.. أعدّ سيرة ذاتية محدّثة وراح يدور على المؤسسات الحكومية والخاصة بحثاً عن وظيفة تؤمن له مستقبلاً مرموقاً، وتحقق مشروع الزواج المؤجل.. بدأ بالمعرض المهني كقناة رسمية للتقدم إلى مجالات العمل الوافرة، شاكراً القائمين عليه لتوفيرهم الوقت والمال والجهد على الباحثين عن العمل.. سمع فهد هناك وعوداً براقة.. وأعلن أكثر من مجال رغبتهم الشديدة في انضمامه إليهم فصدّقهم.. ولِم لا يفعل!؟ فهو يثق جداً في القائمين على المعرض، لأنهم يمثلون مؤسسة الأحلام التي حوّلت وجه قطر تحويلاً تاريخياً يحسب لها… لأنه جعل الكثير من الأحلام حقيقة… عاد إلى بيته وبيده وظيفة رائعة –عفواً- في الواقع لا ترتقي تلك الوعود إلى مرتبة الواقع، فهي مجرد وعود وأحلام زائفة واستعراض إعلامي يخطب رضا الكبار.. تيقّن فهد من ذلك بعدما تواصلت معه أكثر من جهة للمقابلة الشخصية التي تجاوزت في بعض الأحيان لجنة المقابلات وصولاً إلى الرئيس التنفيذي، لتموت الأحلام عند بابه! خاض فهد العديد من المقابلات في الكثير من الجهات بعضها كان حضارياً، واعتذر عن توظيفه دون إبداء الأسباب.. بينما أمعن البعض الأخر في غيّه مما جعل فهد قيد المراجعة رايح.. جاي! ذهب الشاب إلى وزارة العمل بعدما أعيته الحيلة وفشل في الحصول على حقه كمواطن، بلده تعيش عصراً ذهبياً على كافة المستويات.. وتنادي بالتقطير بأعلى الأصوات.. فأخبره المتنفذ بالوزارة بأنه سيرسله إلى القطاع الخاص لأنه لم يعد هناك مجال في القطاع الحكومي! عجباً.. ما يقوله هذا المتنفذ! هل عجز القطاع الحكومي عن ضم القطريين بعدما أتاح المجال للمقيمين من كافة الجنسيات لقطف ثمار الأمن الوظيفي، ليترك أولادنا عرضة لأمزجة مديري الموارد البشرية في قطاع الأعمال الخاصة؟! ليعيثوا في حياتهم فشلاً وفساداً وحقداً، ويصموا سيرهم الذاتية بما يسوء دونما تدريب أو تقييم.. وليت ذلك المتنفذ نجح في توظيف فهد، بل ما زال الشاب يراود الأحلام عن نفسها بغية تحولها إلى واقع مستحق يعينه على الاستقرار النفسي والعملي والأسري.. إنني من هذه النافذة الحرّة أدعو كل من له شأن الرقابة والمحاسبة في هذا البلد أن يبدأ جولات تفتيشية في القطاع الخاص، للتيقن من أنها تلبي طموحات الحكومة التي تغدق دعماً من غير حساب، والتأكد من حصول القطريين على فرص عمل عادلة تتيح لهم التدريب والتطوير والتقييم.. وإلا طبقت قوانين معطلة بسبب المصالح الشخصية والواسطات.. بالله عليكم.. أيظلم شبابنا في بلادهم التي يفيض خيرها على القاصي والداني تحت مرأى ومسمع من الجميع؟! أطمح لتغيير الحال خاصة ونحن نتنفس نسائم الشفافية هذه الأيام.