طرح أحد الإخوة الخليجيين عليّ سؤالاً مهماً هذا نصه: (على الحرية والفكر النير في دولتنا العزيزة قطر لماذا لا يكون بها مجلس نواب…؟!!). ورغم علامتي التعجب المقرونتين بسؤاله فإنني أجيبه عن سؤاله.. بأنه لا مجال للتعجب من حال قطر لو كان متابعاً حقيقياً لما يجري على ساحة الحرية والديمقراطيّة فيها، ولعَلِم أن سمو الأمير المفدى قد أعلن في آخر لقاءاته بأعضاء مجلس الشورى أن قطر تستعد لبرلمانها المنتخب في عام 2013م. ليأتي تتويجاً لخطوات تدريبية خاضها الشعب القطري الذي مارس حقوقه في الترشح والانتخاب لأكثر من عقد مضى من خلال المجلس البلدي. وهو صورة من صور الحرية والديمقراطية رغم محدودية صلاحيّاته، إلا أنه يبقى نافذة من نوافذ رقابة الشعب على أداء الحكومة.. وأنا راضية عن الخطوات التي تتخذها قيادتنا في هذا المجال.. فالتروي مهم لاستيعاب فكرة البرلمان حتى لا يتحول إلى نقمة كما يحدث في دولة شقيقة. نحن شعب اطمأن لقيادته التي تقدم له يومياً ضمانات العيش الكريم الذي يكفل كافة حقوق الإنسان.. وما لم يتحقق اليوم سيتحقق مستقبلاً بإذنه تعالى. إن ما نراه اليوم عبر الشاشات حول ممارسة الشعوب العربية لحقوقها الديمقراطية يجعلنا نفكّر في إعلاء مهاراتنا في ممارستها، حتى لا يتحول برلمان قطر إلى ساحة اقتتال، فطريق الديمقراطيّة عندنا ممهد -ولله الحمد- ولم يتبق سوى وجود برلمانيين جديرين بحمل مشعل الديمقراطية وحرية التعبير عن الشعب وخدمة مصالحه من خلال مراقبة الحكومة وقدرتها على تشكيل وجه قطر المستقبل. أعتقد أن التحدي يكمن في إيجاد برلمان استفاد من تجارب الآخرين فلا يكرر أخطاءهم، لأننا بغنى عن إثارة البلبلة والنعرات والخروج عن نصوص اللياقة واللباقة والأدب.. فالله عزّ وجل أنعم على شعبنا بنعمة التجانس والامتزاج في حب قطر، ولا نريد برلماناً يفرقنا طوائف وشيعاً.. لا نريده أن يكون «أسفيناً» يدق متن وحدتنا الوطنية.. لا نريد برلمانيين متسلقين يبحثون عن مصالح خاصة، ويبنون أمجاداً زائفة.. نريد برلمانيين يتوقون إلى التمثيل المشرف لأهل قطر، فيعكسون طيبة القطريين وطباعهم الحميدة.. ويجسدون رقيّ التعامل وآداب الحوار. نريد برلمانيين يعملون مع الحكومة من خلال مراقبتها وتقييم أعمالها على أسس ومعايير متفق عليها، فلا نفتح مجالاً لتصفية الحسابات الشخصية من خلال البرلمان، ولا نعرّض وطننا الآمن لهزات نحن في غنى عنها.. البرلمان حق مكتسب كما هو حق الترشح والانتخاب، فنرجو ممن يداعبه حلم الترشح لهذا البرلمان أن يعمل على تجويد أدواته البرلمانية وتدريب نفسه على هذا الدور تدريباً جيداً، ولا يعتمد على دعم طائفته فإنها لن تنفعه في هذا المجال الحيوي والحساس. ما سينفعه حقاً قدرته على حمل الأمانة وخدمة الناس والمحافظة على حقوقهم في توفير حياة رغدة يستحقها القطريون عن جدارة.