قول على قول

Loading

أكد د. سيف الحجري أن الفكرة القائمة عليها هذه المدارس هي فكرة جميلة وجديدة، وترفع سقف الاستقلالية المادية والإدارية، وتسرع عملية اتخاذ القرار واستطاعت أن تقضي على الروتين والبيروقراطية، موضحاً أن التجربة قد طبقت على العديد من الدول، وأثبتت نجاحاً كبيراً، وهنا في قطر لا يمكن الحكم عليها إلا بعد مرور 12 سنة، أي بعد انتهاء الدفعة الأولى التي عاصرت كل مراحل التدريس، ومن هنا يمكن أن نحكم عليها أنها تجربة ناجحة أم لا من خلال النظر في مخرجات التعليم.. ولمن لا يعرف الدكتور سيف الحجري فهو نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع التي تحتضن المدينة التعليمية، كما أنه عمل محاضراً في جامعة قطر لمدة 13 سنة، ويدرك أهمية إعداد الإنسان إعداداً جيداً يمكننا من الاعتماد عليه، حينما ينتهي الغاز وتحترق الصناعة! لذلك نعوّل كثيراً على قوله في شأن خطير كالتعليم. بداية أتفق مع الدكتور سيف في استهلاله الجميل عن فكرة المدارس المستقلة التي استطاعت أن تقضي على الروتين والبيروقراطية.. ولكني أرى أن هذا التأثير أقل أهميّة في تعليم أولادنا بالمقارنة مع ممارسات تدور في أروقة المدارس وما زالت تبحث عن مسؤول كبير –جداً- ليحرك عصا القرار السحرية ويعيد لتجربة المدارس المستقلة ألقها وتميّزها… ومن قول الدكتور أرد على مسؤولي التعليم الذين يتشدقون بتفرد التجربة وخصوصيتها ونجاحها في كل محفل مستبقين مرور 12 سنة عليها، لنتمكن من الحكم عليها بالنجاح أو عدمه.. بحسب رؤية الدكتور.. فأولئك المسؤولون يلمّعون صورهم الكالحة بسبب إدارتهم السيئة لحلم أمة بتلك التصريحات الرنانة. وهي ممارسات تؤكد للقاصي والداني أنهم –غير مؤهلين لإدارة التعليم– قيّمهم مجتمع يعاني يومياً من تخبطاتهم وارتجالهم المستمر.. يعاني من افتقار تلك الإدارة لمعايير واضحة وسياسات صريحة تحكم عملها… بفهمي البسيط جداً: أعتقد أنني أحتاج للثبات والاستمرارية حتى أتمكن من دراسة الحالة وإطلاق حكم حقيقي عليها يؤيد استمرارها أو يوقفها.. فهل يحدث ذلك في المدارس المستقلة؟؟ لا أعتقد… فمنذ انطلقت هذه التجربة عام 2004-2005 م والمدارس المستقلة تعيش حالة من عدم الاستقرار بسبب مزاجية إدارة التعليم وتخبّطها.. فصار تعليم الأجيال في يد من يتبنى نظرية غريبة تقول: إن لم تكن معي فأنت ضدي! وبناء على تلك النظرية دفع أصحاب وصاحبات التراخيص ثمن عملهم مع تلك الإدارة.. فإن لم يمجدوها ويمتدحوها ليلاً ونهاراً، فهم عرضة للتضييق مما دفع بعضهم للاستقالة مفضلاً الابتعاد عن الميدان حزناً وأسفاً لما آل إليه حال التعليم في البلاد، رافضاً كل المغريات للعودة من جديد والعمل مع تلك الإدارة… ومن قاوم رافعاً شعار -إذا كلنا استقلنا من يعلم أولادنا- نكلّت به تلك الإدارة وسحبت ترخيصه دون تبرير تاركة سمعته عرضة للشبهات! وليس أدل على ذلك إلا نبأ نشرته «العرب» الأسبوع الماضي بناء على مصادر مطّلعة يفيد بأن هيئة التعليم خاطبت المصرف المركزي لسحب ترخيص مدير مدرسة التجارة بدعوى عدم الكفاءة!! سبب عجيب والأعجب منه سبب سحب ترخيص مدرسة الإيمان الثانوية لخلاف صاحبة الترخيص مع مديرة الهيئة! بالله عليكم، أترون معي ما يحدث؟؟ أتجدونه أمراً طبيعيا؟؟ هل هذه معايير محترمة تدار من خلالها تجربة نريد تقييمها بعد 12 عاماً؟؟ أليس مدير مدرسة التجارة هذا صاحب ترخيص مدرسة مستقلة تعمل مباشرة مع هيئة التعليم وكُرّم كأحد المتميزين في مجال التعليم؟؟ فهل نشكك أيضاً في تلك المبادرة الراقية المتمثلة بيوم التميّز العلمي، ونفقد الثقة بمعايير الاختيار ما دام من يتشح بالوشاح البنفسج يوصم بعدم الكفاءة؟؟! ومدير مدرسة التجارة ليس وحيداً في ذلك، فقد سبقه أكثر من مدير ومديرة حصلوا على أوسمة وجوائز إقليمية، لكنهم لم يحققوا رضا هيئة التعليم السامي، فسحبت تراخيصهم تحت مرأى ومسمع من المسؤولين الكبار جداً! فمن الذي رشّحه ليعمل مديراً تحت مظلة المصرف المركزي ليدير تعليماً نوعياً مطلوباً؟؟ أخشى ما أخشاه أن تكون هيئة التعليم هي من فعلت في حالة رضا منها! وحينما غضبت قررت إنه ليس كفؤاً -بعد مرور خمس سنوات على الأقل على عمله كمدير مدرسة– وكذلك مدرسة الإيمان قضت إدارتها نفس المدة، مما يؤكد ما ذهبت إليه من مزاجية إدارة التعليم وافتقارها لمعايير واضحة وعجزها عن إدارة خلافاتها.. فلماذا تدفع مديرة المدرسة ثمن خلافها مع مديرة الهيئة؟ أعتقد أن مديرة الهيئة مدينة للرأي العام الذي يشكّله الآباء والتربويون بتوضيح يحترمهم.. وهنا أسأل الدكتور سيف الحجري كيف ستقيّم مخرجات مدارس أدارها مديرون لا يتسمون بالكفاءة خمس سنوات أو يزيد؟ ومن المسؤول عن اختيارهم –نعرف كيف تم اختيار البعض– فأحد تلك الطرق التي أثارت استهجان التربويين وأولياء الأمور أن صديقة مقربة من مديرة الهيئة كانت تتصل بصويحباتها وتسألهن إذا كانت لديهن الرغبة في الحصول على ترخيص فإنها تضمن لهم ذلك!! من المسؤول عن توكيل أمانة تعليم أولادنا لمديرين ليسوا أكفاء؟ ولماذا خمس سنوات وليست خمسة شهور مثلما حدث مع بعض أصحاب التراخيص؟ كيف ستقيّم مخرجات مدارس توالى عليها أصحاب تراخيص متعددون كل يحمل رؤيته ويبلغ رسالته الخاصة؟؟ كيف ستقيّم تجربة المدارس المستقلة وهي تدار بالواسطة والمحسوبية والمزاجية والتسلط، ولك أن تطلب كشف الهاربين من تلك الهيئة الذين فضلوا الاستقالة على الاستمرار في العمل مع إدارتها؟ فبمقارنة بسيطة بين هيئات مجلس التعليم الثلاث ستجد أن هيئة التعليم مجال طارد ويحتل القمة في هرم الاستقالات.. فإلى متى يبقى هذا الحال؟؟ أليس من مسؤول –كبير جدا– يتخذ قراراً شجاعاً بتجديد الدماء في تلك الهيئة التي تمثل الإدارة المباشرة للتعليم في البلاد؟.. حتى لا يكون الإنجاز الوحيد الذي حققته المدارس المستقلة بعد 12 عاماً هو القضاء على الروتين والبيروقراطية التي أراها تطل برأسها مجدداً بعد سحب بعض صلاحيات من أصحاب التراخيص.