منذ عهد أمامة بنت الحارث ووصيتها المعروفة لابنتها العروس التي تستعد للانتقال لبيت الزوجية، وحتى يومنا هذا يبدو الأمر وكأن نجاح الحياة الزوجية منوط بالمرأة دون الرجل.. وهذه نظرة عوراء لأمر جلل. فحتى ينجح الزواج يلزمه ما يلزم القطار للسير في استقرار وسلامة على شريط مكون من خطين متوازيين متكافئين في كل شيء، يتكيفان مع ظروف الطريق في استقامته واعوجاجه.. وذلك ما يحتاجه الزوجان بحق.. فالتكافؤ والتفاهم والتعاون على استقامة الحياة أحياناً واعوجاجها أحياناً أخرى هو ما يضمن النجاح للزواج، كما تضمن القضبان رحلة آمنة للقطار… بعد توفيق الله عز وجل ورعايته.. ورغم أن حوادث القطارات شنيعة وتودي بحياة الكثيرين وتخلّف جرحى ومصابين، إلا أن معدلات حدوثها أقل بكثير من معدلات الطلاق التي ترتفع بحدة لتخلّف وراءها جروحاً غائرة في النفوس لا يقوى على علاجها أي طبيب أو مستشار مهما كانت مهارته!!! وإن كانت وصية أمامة الخالدة قد كشفت للنساء أسرار العشرة الزوجية الصحيحة، وضمنت نجاح الزواج لو نفذت أي زوجة ربع ما جاء فيها، حرصاً على الاستمرار في مودة ورحمة.. فإنني أقدم اليوم للرجل وصية مشابهة أرسلها عبر التاريخ حكيم لولده الذي يستعد للزواج، فهل من منصت يستمع للقول ويتبع أحسنه ويستفيد منه للتعاون مع المرأة لتأسيس حياة زوجية سعيدة بعيدة عن شبح الفشل والطلاق المدمر لكافة الأطراف؟؟ لأن نجاح أي شركة مسؤولية الشركاء ولا يجوز إلقاء اللائمة على طرف دون الآخر… ها هي الوصيّة مع تمنياتي للجميع بزواج ناجح هانئ: أي بني إنّك لن تنال السعادة في بيتك إلا بعشر خصال تمنحها لزوجك فاحفظها عني واحرص عليها: أما الأولى والثانية: فإنّ النّساء يحببن الدلال ويحببن التصريح بالحب، فلا تبخل على زوجتك بذلك. فإن بخلت جعلت بينك وبينها حجاباً من الجفوة ونقصاً في المودة. وأما الثالثة: فإن النساء يكرهن الرجل الشديدَ الحازم ويستخدمن الرجل الضعيف اللين. فاجعل لكل صفة مكانها فإنّه أدعى للحب وأجلب للطمأنينة. وأما الرابعة: فإن النساء يُحببن من الزوج ما يحب الزوج منهنّ. طيب الكلام وحسن المنظر ونظافة الثياب وطيب الرائحة. فكن في كل أحوالك كذلك، وتجنب أن تقترب من زوجتك تريدها لنفسك وقد بلل العرق جسدك وأدرن الوسخ ثيابك. فإنّك إن فعلت جعلت في قلبها نفوراً، وإن أطاعتك فقد أطاعك جسدها ونفر منك قلبُها. أما الخامسة: فإنّ البيت مملكة الأنثى وفيه تشعر أنّها متربعة على عرشها، وأنها سيدة فيه، فإيّاك أن تهدم هذه المملكة التي تعيشها.. وإياك أن تحاول أن تزيحها عن عرشها هذا، فإنّك إن فعلت نازعتها ملكها، وليس لملكٍ أشدّ عداوة ممن ينازعه ملكه، وإن أظهر له غير ذلك. أما السادسة: فإنّ المرأة تحب أن تكسب زوجها ولا تخسر أهلها.. فإيّاك أن تجعل نفسك مع أهلها في ميزان واحد، فإمّا أنت وإمّا أهلها، فهي وإن اختارتك على أهلها فإنّها ستبقى في كمدٍ تُنقل عَدْواه إلى حياتك اليومية. وأما السابعة: إنّ المرأة خُلِقت مِن ضِلعٍ أعوج وهذا سرّ الجمال فيها وسرُّ الجذب إليها، وليس هذا عيباً فيها «فالحاجب زيّنه العوَجُ». فلا تحمل عليه إن هي أخطأت حملة لا هوادة فيها، تحاول تقييم المعوج فتكسرها وكسرها طلاقها.. ولا تتركها إن هي أخطأت حتى يزداد اعوجاجها وتتقوقع على نفسها فلا تلين لك بعد ذلك ولا تسمع إليك، ولكن كن دائماً معها بَيْن بَيْن. أما الثامنة: فإنّ النّساء جُبلن على كُفر العشير وجُحدان المعروف، فإن أحسنت لإحداهنّ دهراً ثم أسأت إليها مرة قالت: ما وجدت منك خيراً قط.. فلا يحملنّك هذا الخلق على أن تكرهها وتنفر منها، فإنّك إن كرهت منها هذا الخلق رضيت منها غيره.. أما التاسعة: فإنّ المرأة تمر بحالات من الضعف الجسدي والتعب النفسي، حتى إنّ الله سبحانه وتعالى أسقط عنها مجموعة من الفرائض التي افترضها في هذه الحالات.. فقد أسقط عنها الصلاة نهائياً في حالة الحيض وفترة النفاس، وأنسأ لها الصيام خلالهما حتى تعود صحتها ويعتدل مزاجُها.. فكن معها في هذه الأحوال ربانياً بأن تخفف عنها طلباتك وأوامرك، كما خفف الله سبحانه وتعالى عنها فرائضه. أما العاشرة: فاعلم أنّ المرأة أسيرة عندك فارحم أسرها وتجاوز عن ضعفها تكن لك خير متاع وخير شريك… والله يَخيرُ لك… إنني أوصي بهذه الوصية ووصية أمامة بنت الحارث لأن تكون ضمن برامج التطوير التي تقدم للمقبلين على الزواج.