خادم الشعب

Loading

بهذا التعبير البسيط في كلماته، العظيم في معناه، لخص رئيس الوزراء التركي أردوغان نظريته السياسية ورؤيته في إدارة شؤون البلاد والعباد.. جاء ذلك في لقاء أجراه معه برنامج «العاشرة مساء»، قبيل زيارته لمصر الاسبوع المنصرم.. وحيث إن هذا المحترم رجل أفعال لا أقوال، سبقت أفعاله التي ترجمها على أرض الواقع عام 1994م، حيث كان رئيسا لبلدية المدينة الجميلة اسطنبول.. ففي تلك الفترة كانت المدينة في حالة يرثى لها، من شح في الماء، وتفاقم في التلوث.. فقام خلال سنة واحدة من توليه مسؤوليتها بخدمة سكانها البالغ عددهم 10 ملايين، وتبنى مشروع بناء سدود تتدفق رواء على أهلها، ليرتفع بذلك عدد السدود من 4 إلى 11 سدا، فتدفقت المياه التي لم تنقطع عنهم منذ ذلك الحين ولا مرة واحدة!! بعدما كانت سقيا الماء مرتين فقط في الاسبوع الواحد!! من جانب آخر تولى مهمة حضارية تعكس داخل هذا الرجل الذي يتمتع بجمال داخلي كان رسوله إلى قلب كل مسلم على وجه الارض.. فجمّل ما يسمى بالقرن الذهبي في مدينته الجميلة، ليحوّله من مكب للقمامة إلى حدائق غنّاء!!! وفعل ذلك بطريقة مبتكرة إبداعية تقوم على كبس القمامة ودفنها، وبعد مرور سنتين يتم شفط غاز الميثان الصادر عنها وضخه إلى محطة تحوّله إلى كهرباء تخدم 100 ألف بيت، وتدخل إلى ميزانية بلديته 8 ملايين سنوياً، تذهب إلى مشروعات إبداعية جديدة لا إلى جيبه الخاص، كما يفعل البعض!! هذه المشروعات وغيرها منحت مواطنيه فرصة إنشاء 28 شركة جديدة، مما يعني توافر فرص عمل كثيرة وكبيرة.. لذلك نحن لا نستغرب من إعادة انتخابه مرة تلو الاخرى رئيسا لشؤون تركيا.. فهذا المسؤول الذي تحتاجه الشعوب.. مسؤول يعلم جيداً أن دوره الحقيقي هو خدمة الناس لا سيادتهم.. مسؤول يعلم يقينا أن المنصب تكليف له تبعاته، وعليه محاسبةٌ إن لم تكن من قاضي الارض فمن قاضي السماء الذي يمهل ولا يهمل، سبحانه جل وعلا.. هذا الدرس نهديه إلى أعضاء المجلس البلدي الذين لم نر بعضهم إلا في الانتخابات، وبعضهم جاثم على صدر دائرته الانتخابية منذ نشأ المجلس، ولم يفعل شيئا غير التبجح في الاعلام بإنجازات وهمية، بل وكانت لديه جرأة أن يرفع شعار «معا لنكمل ما بدأناه»، وما زلنا لا نعرف عما يتحدث بالضبط!!! فلا نرى منه إلا حرصه على تبوء المناصب والمراكز أكثر من حرصه على إصلاح دائرته!! نهديه إلى كل مسؤول كبيراً كان أم أكبر منه، ليعي الدرس جيدا قبل أن تدور عليه الدوائر، فليس هناك أفضل ولا أشرف من خدمة المسلمين فقيرهم قبل غنيّهم.. ففي الاثر «ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرا»، فهل تفعلون!؟ نرجو ذلك..

تغمد الله الكاتبة المتميّزة هند السويدي بواسع رحمته، وأسكنها فسيح جناته، وألهم أهلها وذويها وقراءها الصبر والسلوان.