ربما يصادف اليوم أو غدا موعد وصول أغلى الضيوف وأكرم الشهور رمضان أسأل الله عزّ وجلّ أن يعيده علينا وعليكم بأحسن احوال وكعادتنا في استقبال الضيوف بحفاوة وتكريم نعدّ العدّة لاستقبال رمضان كل بحسب رؤيته لهذا الشهر فمن يراه شهرا روحانيا كما ينبغي أن يكون يزوّد نفسه بزاد التقوى ويزيد طاقته الإيمانية بخطط تعينه على تنويع العبادات وزيادة مقدارها بزيادة النوافل والاقتداء بسنن الهادي امين فيصوم ويفطر وينام باكرا ليتسحر متأخرا ويصل ارحام ويقوم الليل ويعتكف ويعتمر طمعا في دخول الجنة من باب الريان أما من يراه شهرا اجتماعيا تقام فيه الولائم ويحلو فيه السهر يبدأ بالتزود بالمؤونة والطعام ويتابع خطط القنوات الفضائية وتجده متنقلا من بيت إلى بيت وراء الولائم ولا مانع من لقاء الصحب في خيام الفنادق والمطاعم التي سميت ظلما وزورا بالخيام الرمضانية وهي تحفل بالخطايا والذنوب وآخر يراه شهرا للطعام فتجده يكدس المؤونة ويكلف أهل بيته ما لا يطيقون في الطبخ والنفخ وابتكار الجديد من أصناف الطعام فينطلق مع طلقة المدفع لاجتثاث الأخضر واليابس ثم يستلقي مرهقا أمام التلفاز لا يستطيع اللحاق بصلاة التراويح ولا يكاد يراوح مكانه إلا من أجل مزيد من الطعام والحلقات المتلفزة التي تحفل بكل ما هو ماجن وجارح أما شياطين انس فقد أعدّوا عدّتهم منذ رحيل رمضان السابق وجهزوا كل سبل الهاء التي تشغل المسلمين عن القيام بحق ضيفهم الكريم هذا العام وكل عام وبدأت اخبار المخجلة عن برامج ومسلسلات تستهدف ديننا وقيمنا وأخلاقنا بما تحويه من قصص مخلّة ومشاهد منحلّة تسبق العروض الحصرية هنا وهناك فكم آسى على أناس يمرّ عليهم رمضان فلا يتغيّر فيهم شيء إن رمضان لمن يعقل معانيه وقيمه هو مدرسة إيمانية ذات منهج عميق يكسبنا الصبر والتكافل والمشاركة رمضان يرفع روحانيتنا إلى أعلى مستوياتها بتجلياته وأنواره الربانية فكيف يقوى مسلم شهد لله بالوحدانية ولرسوله عليه الصلاة والسلام بالرسالة أن يفوت فرصة ذهبية كهذه يضاعف من خلالها حسناته ويطهّر روحه من أدران عام مضى بكل تجاوزاته.